للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَأَكْرَهُ أَنْ أَطَأَ حَمَامَ الْحَرَمِ، فَقَالَ لَهُ: تَفْعَلُ هَذَا وَأَنْتَ تَقْتُلُ الْمُسْلِمِينَ؟ فَقَالَ لَهُ حصين.

فأذن لنا فلنطف بالكعبة ثم ترجع جلى بِلَادِنَا، فَأَذِنَ لَهُمْ فَطَافُوا.

وَذَكَرَ ابْنُ جَرِيرٍ أَنَّ حُصَيْنًا وَابْنَ الزُّبَيْرِ اتَّعَدَا لَيْلَةً أَنْ يَجْتَمِعَا فَاجْتَمَعَا بِظَاهِرِ مَكَّةَ (١) ، فَقَالَ لَهُ حُصَيْنٌ: إِنْ كَانَ هَذَا الرَّجُلُ قَدْ هَلَكَ فَأَنْتَ أَحَقُّ النَّاسِ بِهَذَا الْأَمْرِ بَعْدَهُ، فَهَلُمَّ فَارْحَلْ مَعِي إِلَى الشَّامِ، فَوَاللَّهِ لَا يَخْتَلِفُ عَلَيْكَ اثَنَانِ.

فَيُقَالُ: إِنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ لَمْ يَثِقْ مِنْهُ بِذَلِكَ وَأَغْلَظَ لَهُ فِي الْمَقَالِ فَنَفَرَ مِنْهُ ابْنُ نُمَيْرٍ وَقَالَ: أَنَا أَدْعُوهُ إِلَى الْخِلَافَةِ وَهُوَ يُغْلِظُ لِي فِي الْمَقَالِ؟ ثُمَّ كَرَّ بِالْجَيْشِ رَاجِعًا إِلَى الشَّامِ، وَقَالَ: أَعِدُهُ بِالْمُلْكِ وَيَتَوَاعَدُنِي بِالْقَتْلِ؟.

ثُمَّ نَدِمَ ابْنُ الزُّبَيْرِ عَلَى مَا كَانَ مِنْهُ إِلَيْهِ مِنَ الْغِلْظَةِ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ يَقُولُ لَهُ: أَمَّا الشَّامُ فَلَسْتُ آتية ولكن خذلي الْبَيْعَةَ عَلَى مَنْ هُنَاكَ، فَإِنِّي أُؤَمِّنُكُمْ وَأَعْدِلُ فِيكُمْ.

فَبَعَثَ إِلَيْهِ يَقُولُ لَهُ: إِنَّ مَنْ يَبْتَغِيهَا مِنْ أَهْلِ هَذَا الْبَيْتِ بِالشَّامِ لَكَثِيرٌ.

فَرَجَعَ فَاجْتَازَ بِالْمَدِينَةِ فَطَمِعَ فِيهِ أَهْلُهَا وَأَهَانُوهُمْ إهانة بالغة، وأكرمهم علي بن الحسين " زين العابدين " وَأَهْدَى لِحُصَيْنِ بْنِ نُمَيْرٍ قَتًّا وَعَلَفًا، وَارْتَحَلَتْ بنو أمية مع الجيش إلى الشام فوجدوا معاوية بن يزيد بن معاوية قد استخلف مكان أبيه بدمشق عَنْ وَصِيَّةٍ مِنْ أَبِيهِ لَهُ بِذَلِكَ، وَاللَّهُ

سبحانه أعلم بالصواب.

وَهَذِهِ تَرْجَمَةُ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ

هُوَ يَزِيدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ بن صَخْرُ بْنُ حَرْبِ بْنِ أُمَيَّةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسِ، أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ أَبُو خَالِدٍ الْأُمَوِيُّ، وُلِدَ سَنَةَ خَمْسٍ أَوْ سِتٍّ أَوْ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ، وَبُويِعَ لَهُ بِالْخِلَافَةِ فِي حَيَاةِ أَبِيهِ أَنْ يَكُونَ وَلِيَّ الْعَهْدِ مِنْ بَعْدِهِ، ثُمَّ أَكَّدَ ذَلِكَ بَعْدَ مَوْتِ أَبِيهِ فِي النِّصْفِ مِنْ رَجَبٍ سَنَةَ سِتِّينَ، فَاسْتَمَرَّ مُتَوَلِّيًا إِلَى أَنْ تُوُفِّيَ فِي الرَّابِعَ عَشَرَ مِنْ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ سنة أربع وستين، وأمه ميسون بنت مخول بن أنيف بن دلجة بن نفاثة بْنِ عَدِيِّ بْنِ زُهَيْرِ بْنِ حَارِثَةَ الْكَلْبِيِّ.

رَوَى عَنْ أَبِيهِ مُعَاوِيَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم قَالَ: " مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ " (٢) .

وَحَدِيثًا آخَرَ فِي الْوُضُوءِ.

وَعَنْهُ ابْنُهُ خَالِدٌ وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ، وَقَدْ ذَكَرَهُ أَبُو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ فِي الطَّبَقَةِ الَّتِي تَلِي الصَّحَابَةَ، وَهِيَ الْعُلْيَا، وَقَالَ: لَهُ أَحَادِيثُ، وَكَانَ كَثِيرَ اللَّحْمِ عَظِيمَ الْجِسْمِ كَثِيرَ الشَّعْرِ جَمِيلًا طَوِيلًا ضَخْمَ الهامة محدد الْأَصَابِعِ غَلِيظَهَا مُجَدَّرًا، وَكَانَ أَبُوهُ قَدْ طَلَّقَ أمه وهي حامل به، فرأت أمه في المنام أنه خرج منها قمر من قُبلها، فَقَصَّتْ رُؤْيَاهَا عَلَى أُمِّهَا فَقَالَتْ: إِنْ صَدَقَتْ رؤياك لتلدن من يبايع له


(١) في الطبري ٧ / ١٧: بالابطح.
(٢) أخرجه البخاري في العلم ح (١٠) وفي الخمس وفي الاعتصام.
ومسلم في الامارة ح (١٧٥) وفي الزكاة ح (٩٨) و ١٠٠.
والترمذي في العلم ح (٤) وابن ماجة في المقدمة.
والدارمي في المقدمة والرقاق.
وأحمد في المسند ١ / ٣٠٦، ٢ / ٢٣٤، ٤ / ٩٢، ٩٣، ٩٥، ٩٦، ٩٧، ٩٨، ٩٩، ١٠٠.
(*)

<<  <  ج: ص:  >  >>