للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وممن قتل في وقعة الحرة محمد بن أبي بن كعب، وعبد الرحمن بن أبي قتادة، وأبو حكيم معاذ بن الحارث الأنصاري الذي أقامه عمر يصلي بالناس، وقتل يومئذ ولدان لزينب بنت أم سلمة، وزيد بن محمد بن سلمة الأنصاري قتل يومئذ، وقتل معه سبعة من إخوته وغير هؤلاء ورضي عنهم أجمعين. وفيها توفي الأخنس بن شريق، شهد فتح مكة وكان مع علي يوم صفين.

وفي هذه السنة - أعني سنة أربع وستين - جرت حروب كثيرة وفتن منتشرة ببلاد المشرق واستحوذ على بلاد خراسان رجل يقال له عبد الله بن خازم، وقهر عمالها وأخرجهم منها، وذلك بعد موت يزيد وابنه معاوية، قبل أن يستقر مالك ابن الزبير على تلك النواحي، وجرت بين عبد الله بن خازم هذا وبين عمرو بن مرثد حروب يطول ذكرها وتفصيلها، اكتفينا بذكرها إجمالا إذ لا يتعلق بذكرها كبير فائدة، وهي حروب فتنة وقتال بغاة بعضهم في بعض، والله المستعان.

وقال الواقدي: وفي هذه السنة بعد موت معاوية بن يزيد بايع أهل خراسان سلم بن زياد بن أبيه، وأحبوه حتى أنهم سموا باسمه في تلك السنة أكثر من ألف غلام مولود، ثم نكثوا واختلفوا فخرج عنهم سلم وترك عليهم المهلب بن أبي صفرة.

وفيها اجتمع ملا الشيعة على سليمان بن صرد بالكوفة، وتواعدوا النخيلة ليأخذوا بثأر الحسين بن علي بن أبي طالب، وما زالوا في ذلك مجدين، وعليه عازمين، من مقتل الحسين بكربلاء من يوم عاشوراء عشرة المحرم سنة إحدى وستين، وقد ندموا على ما كان منهم من بعثهم إليه، فلما أتاهم خذلوه وتخلوا عنه ولم ينصروه … فجادت بوصل حين لا ينفع الوصل … فاجتمعوا في دار سليمان بن صرد وهو صحابي جليل، وكان رؤس القائمين في ذلك خمسة، سليمان بن صرد الصحابي، والمسيب بن نجبة الفزاري أحد كبار أصحاب علي، وعبد الله بن سعد بن نفيل الأزدي، وعبد الله بن وال التيمي، ورفاعة بن شداد البجلي. وكلهم من أصحاب علي ، فاجتمعوا كلهم بعد خطب ومواعظ على تأمير سليمان بن صرد عليهم، فتعاهدوا وتعاقدوا وتواعدوا النخيلة، وأن يجتمع من يستجيب لهم إلى ذلك الموضع بها في سنة خمس وستين، ثم جمعوا من أموالهم وأسلحتهم شيئا كثيرا وأعدوه لذلك. وقام المسيب بن نجية خطيبا فيهم، فحمد الله وأثنى عليه وقال: أما بعد فقد ابتلينا بطول العمر وكثرة الفتن، وقد ابتلانا الله فوجدنا كاذبين في نصرة ابن بنت رسول الله ، بعد أن كتبنا إليه وراسلناه، فأتانا طمعا في نصرتنا إياه، فخذلناه وأخلفناه، وأتينا به إلى من قتله وقتل أولاده وذريته وقراباته الأخيار، فما نصرناهم بأيدينا، ولا خذلنا (١) عنهم بألسنتنا، ولا قويناهم بأموالنا، فالويل لنا جميعا ويلا متصلا أبدا لا


(١) في الطبري ٧/ ٤٨ والكامل ٤/ ١٥٩: ولا جادلنا، وفي ابن الأعثم ٦/ ٤٩: ولا دفعنا.

<<  <  ج: ص:  >  >>