للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأبتذل العيس المراقيل تعتلي … مسافة ما بين النجير فصرخدا (١)

ألا أيهذا السائلي أين يممت … فإن لها في أهل يثرب موعدا

فإن تسألي عني فيا رب سائل … حفي عن الأعشى به حيث أصعدا

أجدت برجليها النجاد وراجعت … يداها خنافا لينا غير أحردا (٢)

وفيها إذا ما هجرت عجرفية … إذا خلت حرباء الظهيرة أصيدا (٣)

وآليت لا آوي لها من كلالة … ولا من حفى حتى تلاقي محمدا

متى ما تناخي عند باب ابن هاشم … تراحي وتلقي من فواضله ندى

نبي يرى ما لا ترون وذكره … أغار لعمري في البلاد وأنجدا (٤)

له صدقات ما تغب ونائل … فليس عطاء اليوم مانعه غدا

أجدك لم تسمع وصاة محمد … نبي الاله حيث أوصى وأشهدا

إذا أنت لم ترحل بزاد من التقى … ولاقيت بعد الموت من قد تزودا

ندمت على أن لا تكون كمثله … فترصد للامر الذي كان أرصدا

فإياك والميتات لا تقربنها … ولا تأخذن سهما حديدا لتقصدا

وذا النصب المنصوب لا تنسكنه … ولا تعبد الأوثان والله فاعبدا

ولا تقربن جارة كان سرها … عليك حراما فانكحن أو تأبدا (٥)

وذا الرحم القربى بلا تقطعنه … لعاقبة ولا الأسير المقيدا

وسبح على حين العشية والضحى … ولا تحمد الشيطان والله فاحمدا (٦)

ولا تسخرن من بائس ذي ضرارة … ولا تحسبن المال للمرء مخلدا

قال ابن هشام: فلما كان بمكة - أو قريب منها - اعترضه بعض المشركين من قريش فسأله عن أمره فأخبره أنه جاء يريد رسول الله ليسلم. فقال له: يا أبا بصير، إنه يحرم الزنا. فقال الأعشى: والله إن ذلك لأمر مالي فيه من أرب. فقال: يا أبا بصير إنه يحرم الخمر. فقال الأعشى: أما هذه فوالله إن في نفسي منها العلالات، ولكني منصرف فأتروى منها عامي هذا، ثم آته فأسلم فانصرف فمات في عامه ذلك ولم يعد إلى النبي . هكذا أورد ابن هشام هذه القصة ههنا وهو كثير المؤاخذات لمحمد بن إسحاق ، وهذا مما يؤاخذ به ابن هشام ، فإن


(١) النجير: موضع في حضرموت من اليمن، وصرخد: موضع بالجزيرة.
(٢) في ابن هشام: النجاء بدل النجاد. والنجاء: السرعة. والخناف: التي تلوي في السير يديها من النشاط.
(٣) أصيد: المائل العنق تكبرا أو من داء أصابه.
(٤) أغار: قال ابن دريد في الاشتقاق: من روى: أغار لعمري، فقد لحن وأخطأ.
(٥) في ابن هشام: حرة بدلا من جارة.
(٦) في ابن هشام: العشيات بدلا من العشية.

<<  <  ج: ص:  >  >>