للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مكرما، وصاحب مال، وداعية إلى الاسلام. وكان محببا متألفا (١) يبذل المال في طاعة الله ورسوله كما سيأتي تفصيله. قال يونس عن ابن إسحاق ثم إن أبا بكر الصديق لقي رسول الله فقال: أحق ما تقول قريش يا محمد؟ من تركك آلهتنا، وتسفيهك عقولنا، وتكفيرك آبائنا؟ فقال رسول الله : " بلى إني رسول الله ونبيه، بعثني لأبلغ رسالته وأدعوك إلى الله بالحق، فوالله إنه للحق، أدعوك يا أبا بكر إلى الله وحده لا شريك له، ولا تعبد غيره، والموالاة على طاعته " وقرأ عليه القرآن، فلم يقر ولم ينكر. فأسلم وكفر بالأصنام، وخلع الأنداد وأقر بحق الاسلام، ورجع أبو بكر وهو مؤمن مصدق.

قال ابن إسحاق: حدثني محمد بن عبد الرحمن بن عبد الله بن الحصين التميمي أن رسول الله قال: " ما دعوت أحدا إلى الاسلام إلا كانت عنده كبوة وتردد ونظر، إلا أبا بكر ما عكم عنه (٢) حين ذكرته، ولا تردد فيه " (٣) عكم - أي تلبث - وهذا الذي ذكره ابن إسحاق في قوله فلم يقر ولم ينكر، منكر فإن ابن إسحاق وغيره ذكروا أنه كان صاحب رسول الله قبل البعثة، وكان يعلم من صدقه وأمانته وحسن سجيته وكرم أخلاقه، ما يمنعه من الكذب على الخلق. فكيف يكذب على الله؟ ولهذا بمجرد ما ذكر له إن الله أرسله بادر إلى تصديقه ولم يتلعثم، ولا عكم وقد ذكرنا كيفية إسلامه في كتابنا الذي أفردناه في سيرته وأوردنا فضائله وشمائله واتبعنا ذلك بسيرة الفاروق أيضا وأوردنا ما رواه كل منهما عن النبي من الأحاديث، وما روي عنه من الآثار والاحكام والفتاوى، فبلغ ذلك ثلاث مجلدات ولله الحمد والمنة. وقد ثبت في صحيح البخاري عن أبي الدرداء في حديث ما كان بين أبي بكر وعمر من الخصومة وفيه فقال رسول الله : " إن الله بعثني إليكم فقلتم كذبت، وقال أبو بكر صدق. وواساني بنفسه وماله فهل أنتم تاركوا لي صاحبي " مرتين. فما أوذي بعدها، وهذا كالنص على أنه أول من أسلم وقد روى الترمذي وابن حبان من حديث شعبة عن سعيد الجريري عن أبي نضرة عن أبي سعيد. قال: قال أبو بكر الصديق : الست أحق الناس بها، ألست أول من أسلم، ألست صاحب كذا (٤)؟ وروى ابن عساكر من طريق بهلول بن عبيد حدثنا أبو إسحاق السبيعي عن الحارث سمعت عليا يقول: أول من أسلم من الرجال أبو بكر الصديق، وأول من صلى مع النبي من الرجال علي بن أبي طالب. وقال شعبة عن عمرو بن مرة عن أبي حمزة عن زيد بن أرقم قال: أول من صلى مع النبي أبو بكر الصديق. رواه أحمد والترمذي والنسائي


(١) في ابن هشام: مألفا، والمألف الذي يألفه الانسان.
(٢) في دلائل البيهقي: عتم منه.
(٣) الخبر في دلائل النبوة للبيهقي ٢/ ١٦٣ - ١٦٤ عن ابن إسحاق، ولم أجد نص الحديث في سيرة ابن هشام، إنما الجزء الأخير منه، قال: وكان رسول الله يقول فيما بلغني.
(٤) في جامع الترمذي ٥٠ كتاب المناقب ١٦ باب ح ٣٦٦٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>