للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي النُّجُومِ: إِنْ كَانَتْ أَعْلَامَ السَّمَاءِ أَوْ غَيْرَهَا وَلَكِنْ سَمَّاهُ عَمْرَو بْنَ أُمَيَّةَ (١) فَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَقَالَ السُّدِّيُّ لَمْ تَكُنِ السَّمَاءُ تُحْرَسُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِي الْأَرْضِ نَبِيٌّ أَوْ دِينٌ لِلَّهِ ظَاهِرٌ وَكَانَتِ الشَّيَاطِينُ قَبْلَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدِ اتَّخَذَتِ الْمَقَاعِدَ فِي سَمَاءِ الدُّنْيَا يَسْتَمِعُونَ مَا يَحْدُثُ فِي السَّماء مِنْ أَمْرٍ فَلَمَّا بَعَثَ اللَّهُ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَبِيًّا رُجِمُوا لَيْلَةً مِنَ اللَّيَالِي، فَفَزِعَ لِذَلِكَ أَهْلُ الطَّائِفِ.

فَقَالُوا: هَلَكَ أَهْلُ السَّمَاءِ لِمَا رَأَوْا مِنْ شِدَّةِ النَّارِ فِي السَّمَاءِ وَاخْتِلَافِ الشُّهُبِ فَجَعَلُوا يُعْتِقُونَ أَرِقَّاءَهُمْ، وَيُسَيِّبُونَ مَوَاشِيَهُمْ.

فَقَالَ لَهُمْ عَبْدُ يَالِيلَ بْنُ عَمْرِو بْنِ عُمَيْرٍ: وَيْحَكُمُ يَا مَعْشَرَ أَهْلِ الطَّائِفِ أَمْسِكُوا عَنْ أَمْوَالِكُمْ وَانْظُرُوا إِلَى مَعَالِمِ النُّجُومِ فَإِنْ رَأَيْتُمُوهَا مُسْتَقِرَّةً فِي أَمْكِنَتِهَا فَلَمْ يَهْلِكْ أَهْلُ السَّمَاءِ وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ ابْنِ أَبِي كَبْشَةَ، وَإِنْ أَنْتُمْ لَمْ تَرَوْهَا فقد أهلك أَهْلُ السَّمَاءِ فَنَظَرُوا فَرَأَوْهَا فَكَفُّوا عَنْ أَمْوَالِهِمْ وَفَزِعَتِ الشَّيَاطِينُ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ فَأَتَوْا إِبْلِيسَ فَقَالَ: ائْتُونِي مِنْ كُلِّ أَرْضٍ بِقَبْضَةٍ مِنْ تُرَابٍ فَأَتَوْهُ فشمَّ فَقَالَ صَاحِبُكُمْ بِمَكَّةَ فَبَعَثَ سَبْعَةَ نَفَرٍ مِنْ جِنِّ نَصِيبِينَ فَقَدِمُوا مَكَّةَ فَوَجَدُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ (٢) يَقْرَأُ الْقُرْآنَ، فَدَنَوْا مِنْهُ حرصاً على القرآن حتى كادت كلا كلهم تُصِيبُهُ ثُمَّ أَسْلَمُوا فَأَنْزَلَ اللَّهُ أَمْرَهُمْ عَلَى نَبِيِّهِ صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ عَنِ ابْنِ أَبِي حكيم - يعني إِسْحَاقَ - عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: لَمَّا بُعِثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصْبَحَ كُلُّ صَنَمٍ مُنَكَّسًا فَأَتَتِ الشياطين فَقَالُوا لَهُ مَا عَلَى الْأَرْضِ مِنْ صَنَمٍ إِلَّا وَقَدْ أَصْبَحَ مُنَكَّسًا، قَالَ هَذَا نَبِيٌّ قَدْ بُعِثَ فَالْتَمِسُوهُ فِي قُرَى الْأَرْيَافِ فَالْتَمَسُوهُ فَقَالُوا: لَمْ نَجِدْهُ، فَقَالَ: أَنَا صَاحِبُهُ فَخَرَجَ يلتمسه فنودي عليك بجنبة الباب - يَعْنِي مَكَّةَ - فَالْتَمَسَهُ بِهَا فَوَجَدَهُ بِهَا عِنْدَ قَرْنِ الثَّعالب فَخَرَجَ إِلَى الشَّيَاطِينِ فَقَالَ: إِنِّي قَدْ وَجَدْتُهُ مَعَهُ جِبْرِيلُ فَمَا عِنْدَكُمْ؟ قَالُوا: نزين الشهوات في عين أصحابه ونحبها إِلَيْهِمْ قَالَ: فَلَا آسَى إِذًا.

وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ حَدَّثَنِي طَلْحَةُ بْنُ عَمْرٍو عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ لَمَّا كَانَ الْيَوْمُ الَّذِي تَنَبَّأَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُنِعَتِ الشَّيَاطِينُ من السماء ورموا بالشهب فجاؤا إِلَى إِبْلِيسَ فَذَكَرُوا ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ: أَمْرٌ قَدْ حَدَثَ هَذَا نَبِيٌّ قَدْ خَرَجَ عَلَيْكُمْ بِالْأَرْضِ الْمُقَدَّسَةِ مَخْرَجِ بَنِي إِسْرَائِيلَ، قَالَ: فَذَهَبُوا إِلَى الشَّامِ ثُمَّ رَجَعُوا إِلَيْهِ فَقَالُوا لَيْسَ بِهَا أَحَدٌ فَقَالَ إِبْلِيسُ أَنَا صَاحِبُهُ فَخَرَجَ فِي طَلَبِهِ بِمَكَّةَ فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِحِرَاءٍ مُنْحَدِرًا مَعَهُ جِبْرِيلُ فَرَجَعَ إِلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ: قَدْ بُعِثَ أَحْمَدُ وَمَعَهُ

جِبْرِيلُ فَمَا عِنْدَكُمْ؟ قَالُوا: الدُّنْيَا نُحَبِّبُهَا إِلَى النَّاسِ قَالَ فَذَاكَ إِذًا.

قَالَ الْوَاقِدِيُّ: وَحَدَّثَنِي طَلْحَةُ بْنُ عَمْرٍو عَنْ عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ.

قَالَ: كَانَتِ الشَّيَاطِينُ يَسْتَمِعُونَ الْوَحْيَ فَلَمَّا بُعِثَ محمَّد صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُنِعُوا فَشَكَوْا ذَلِكَ إِلَى إِبْلِيسَ فَقَالَ: لَقَدْ حَدَثَ أَمْرٌ فَرَقِيَ فَوْقَ أَبِي قُبَيْسٍ - وَهُوَ أول جبل وضع على وجه الْأَرْضِ - فَرَأَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي خَلْفَ الْمَقَامِ.

فَقَالَ: أَذْهَبُ فَأَكْسِرُ عُنُقَهُ.

فَجَاءَ يَخْطِرُ وَجِبْرِيلُ عِنْدَهُ، فَرَكَضَهُ جِبْرِيلُ رَكْضَةً طَرَحَهُ فِي كَذَا وَكَذَا فَوَلَّى الشَّيْطَانُ هاربا.

ثم


(١) نقل الخبر ابن سعد في الطبقات ١ / ١٦٣ عن يَعْقُوبُ بْنُ عُتْبَةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ الْأَخْنَسِ، وفيه عمرو بن أمية.
(٢) في دلائل البيهقي من رواية عطية بن سعد عن ابن عباس: ببطن نخلة.
والخبر في سبل الهدى والرشاد ٢ / ٢٦٧.
(*)

<<  <  ج: ص:  >  >>