للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سلمة عن عطاء بن السائب.

وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنِي أُسَامَةُ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدَانَ الْعَبْسِيِّ، عَنِ كَعْبٍ قَالَ: لَمْ يُرْمَ بِنَجْمٍ مُنْذُ رُفِعَ عِيسَى حَتَّى تَنَبَّأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرُمِيَ بِهَا فَرَأَتْ قُرَيْشٌ أَمْرًا لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَجَعَلُوا يُسَيِّبُونَ أَنْعَامَهُمْ وَيُعْتِقُونَ أَرِقَّاءَهُمْ يَظُنُّونَ أَنَّهُ الْفَنَاءُ، فَبَلَغَ ذَلِكَ مِنْ فِعْلِهِمْ أَهْلَ الطَّائِفِ فَفَعَلَتْ ثَقِيفٌ مَثَلَ ذَلِكَ فَبَلَغَ عَبْدَ يَالِيلَ بْنَ عَمْرٍو مَا صَنَعَتْ ثَقِيفٌ.

قَالَ: وَلِمَ فَعَلْتُمْ مَا أَرَى؟ قَالُوا رُمِيَ بِالنُّجُومِ فَرَأَيْنَاهَا تَهَافَتُ مِنَ السَّمَاءِ فَقَالَ: إِنَّ إِفَادَةَ الْمَالِ بَعْدَ ذَهَابِهِ شَدِيدٌ فَلَا تَعْجَلُوا وَانْظُرُوا: فَإِنْ تَكُنْ نُجُومًا تُعْرَفُ فَهُوَ عِنْدَنَا مِنْ فَنَاءِ النَّاسِ وَإِنْ كَانَتْ نُجُومًا لَا تُعْرَفُ فَهُوَ لِأَمْرٍ قَدْ حَدَثَ فَنَظَرُوا فَإِذَا هِيَ لَا تُعْرَفُ فَأَخْبَرُوهُ فَقَالَ الْأَمْرُ فِيهِ مُهْلَةٌ بَعْدُ هَذَا عِنْدَ ظُهُورِ نَبِيٍّ.

فَمَا مَكَثُوا إِلَّا يَسِيرًا حَتَّى قَدِمَ عَلَيْهِمْ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ إِلَى أَمْوَالِهِ فَجَاءَ عَبْدُ يَالِيلَ فَذَاكَرَهُ أَمْرَ النُّجُومِ فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ: ظَهَرَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ يَدَّعِي أَنَّهُ نَبِيٌّ مُرْسَلٌ، فَقَالَ عَبْدُ

يَالِيلَ فَعِنْدَ ذَلِكَ رُمِيَ بِهَا.

وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ عَنْ خَالِدٍ عَنْ (١) حَصِينٍ عَنْ عَامِرٍ الشَّعْبِيِّ.

قَالَ: كَانَتِ النُّجُومُ لَا يُرْمَى بِهَا حَتَّى بَعَثَ [اللَّهُ] (٢) رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم [فرمى بها] (٢) صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَيَّبُوا أَنْعَامَهُمْ وَأَعْتَقُوا رَقِيقَهُمْ.

فَقَالَ عَبْدُ يَالِيلَ: انْظُرُوا فَإِنْ كَانَتِ النجوم التي تعرف فهي (٣) عِنْدَ فَنَاءِ النَّاسِ وَإِنْ كَانَتْ لَا تُعْرَفُ فَهُوَ لِأَمْرٍ قَدْ حَدَثَ فَنَظَرُوا فَإِذَا هِيَ لَا تُعْرَفُ.

قَالَ: فَأَمْسِكُوا فَلَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا يَسِيرًا حَتَّى جَاءَهُمْ خُرُوجُ النَّبيّ صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ وَالْحَاكِمُ مِنْ طَرِيقِ الْعَوْفِيِّ (٤) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمْ تَكُنْ سَمَاءُ الدُّنْيَا تُحْرَسُ فِي الْفَتْرَةِ بَيْنَ عِيسَى وَمُحَمَّدٍ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمَا وَسَلَامُهُ.

فَلَعَلَّ مُرَادَ مَنْ نَفَى ذَلِكَ أَنَّهَا لَمْ تَكُنْ تُحْرَسُ حِرَاسَةً شَدِيدَةً وَيَجِبُ حَمْلُ ذَلِكَ عَلَى هَذَا لِمَا ثَبَتَ فِي الْحَدِيثَ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنِ ابْنِ عبَّاس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: بَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسٌ [في نفر من أصحابه] (٥) إِذْ رُمِيَ بِنَجْمٍ فَاسْتَنَارَ فَقَالَ: " مَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ (٦) إِذَا رُمِيَ بِهَذَا؟ " قَالَ كُنَّا نَقُولُ مَاتَ عَظِيمٌ، وَوُلِدَ عَظِيمٌ فَقَالَ: " لَا وَلَكِنْ ".

فَذَكَرَ الْحَدِيثَ كَمَا تَقَدَّمَ عِنْدَ خَلْقِ السَّمَاءِ وَمَا فِيهَا مِنَ الْكَوَاكِبِ فِي أَوَّلِ بَدْءِ الْخَلْقِ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ (٧) .

وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ إِسْحَاقَ فِي السِّيرَةِ قِصَّةَ رَمْيِ النُّجُومِ وَذَكَرَ عَنْ كَبِيرِ ثَقِيفٍ أَنَّهُ قَالَ لَهُمْ فِي النَّظَرِ


(١) في نسخ البداية المطبوعة " بن " وهو تحريف وما أثبتناه من دلائل النبوة للبيهقي حيث نقل الخبر.
(ج ٢ / ٢٤١) .
(٢) من دلائل النبوة.
(٣) في نسخ البداية المطبوعة: " فهو " وهو تحريف، وأثبتنا ما في الدلائل.
(٤) في دلائل البيهقي ٢ / ٢٤١: قال أخبرنا محمد بن سعد بن محمد العوفي، قال حدثني أبي، قال: حدثني عمر الحسين بن الحسن بن عطية قال: حدثني أبي عن أبيه عطية بن سعد عن ابن عبَّاس.
(٥) ما بين معكوفين استدركت من الدلائل.
(٦) أي ما كنتم تقولون في الجاهلية؟ (٧) راجع الحديث في سيرة ابن هشام ج ١ / ٢٢٠.
وتفسير قوله (لا ولكن) .
(*)

<<  <  ج: ص:  >  >>