للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رسول الله يقول: " من أخاف أهل هذا الحي من الأنصار فقد أخاف ما بين هذين - ووضع يده على جبينه - " (١) قال الدارقطني: تفرد به سعد بن عبد العزيز لفظا وإسنادا، وقد استدل بهذا الحديث وأمثاله من ذهب إلى الترخيص في لعنة يزيد بن معاوية وهو رواية عن أحمد بن حنبل اختارها الخلال وأبو بكر عبد العزيز والقاضي أبو يعلى وابنه القاضي أبو الحسين وانتصر لذلك أبو الفرج بن الجوزي في مصنف مفرد، وجوز لعنته. ومنع من ذلك آخرون وصنفوا فيه أيضا لئلا يجعل لعنه وسيلة إلى أبيه أو أحد من الصحابة، وحملوا ما صدر عنه من سوء التصرفات على أنه تأول وأخطأ، وقالوا: إنه كان مع ذلك إماما فاسقا، والامام إذا فسق لا يعزل بمجرد فسقه على أصح قولي العلماء، بل ولا يجوز الخروج عليه لما في ذلك من إثارة الفتنة، ووقع الهرج وسفك الدماء الحرام، ونهب الأموال، وفعل الفواحش مع النساء وغيرهن، وغير ذلك مما كان واحدة فيها من الفساد أضعاف فسقه كما جرى مما تقدم إلى يومنا هذا.

وأما ما يذكره بعض الناس من أن يزيد لما بلغه خبر أهل المدينة وما جرى عليهم عند الحرة من مسلم بن عقبة وجيشه، فرح بذلك فرحا شديدا، فإنه كان يرى أنه الامام وقد خرجوا عن طاعته، وأمروا عليهم غيره، فله قتالهم حتى يرجعوا إلى الطاعة ولزوم الجماعة، كما أنذرهم بذلك على لسان النعمان بن بشير ومسلم بن عقبة كما تقدم، وقد جاء في الصحيح: " من جاءكم وأمركم جميع يريد أن يفرق بينكم فاقتلوه كائنا من كان ". وأما ما يوردونه عنه من الشعر في ذلك واستشهاده بشعر ابن الزبعرى في وقعة أحد التي يقول فيها:

ليت أشياخي ببدر شهدوا … جزع (٢) الخزرج من وقع الأسل

حين حلت بفنائهم (٣) بركها … واستحر القتل في عبد الأشل

قد قتلنا الضعف من أشرافهم … وعدلنا ميل بدر فاعتدل (٤)


(١) في رواية الإمامة والسياسة عن جابر ١/ ٢١٤: جنبي.
(٢) في فحول الشعراء ص ١٩٩: ضجر، وفي فتوح ابن الأعثم ٥/ ٢٤١: وقعة. وورد في سمط النجوم العوالي هذا البيت فقط.
(٣) في فحول الشعراء: ألقت بقناة، وفي الاخبار الطوال ص ٢٦٧: حكت بقباء.
(٤) في فحول الشعراء ص ٢٠٠:
فقبلنا النصف من سادتهم … وعدلنا ميل بدر فاعتدل
وفي نور العين: قد قتلنا النصف من أشرافكم …
وفي ابن الأعثم ٥/ ٢٤١:
فجزيناهم ببدر مثلها … وأقمنا مثل بدر فاعتدل

<<  <  ج: ص:  >  >>