للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: لَمَّا قَسَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَبَايَا بَنِي المصطلق، وقعت جوريرة بِنْتُ الْحَارِثِ فِي السَّهْمِ لِثَابِتِ بْنِ قَيْسِ بن شماس، أو لابن عم له، فكاتبته عَلَى نَفْسِهَا، وَكَانَتِ امْرَأَةً حُلْوَةً مُلَّاحَةً، لَا يَرَاهَا أَحَدٌ إِلَّا أَخَذَتْ بِنَفْسِهِ، فَأَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِتَسْتَعِينَهُ فِي كِتَابَتِهَا قَالَتْ: فَوَاللَّهِ مَا هُوَ إِلَّا أَنْ رَأَيْتُهَا عَلَى بَابِ حُجْرَتِي فَكَرِهْتُهَا، وَعَرَفْتُ أَنَّهُ سَيَرَى مِنْهَا مَا رَأَيْتُ.

فَدَخَلَتْ عَلَيْهِ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَا جُوَيْرِيَةُ بِنْتُ الْحَارِثِ بْنِ أَبِي ضِرَارٍ سَيِّدِ قَوْمِهِ، وَقَدْ أَصَابَنِي مِنَ الْبَلَاءِ مَا لَمْ يَخْفَ عَلَيْكَ، فَوَقَعْتُ فِي السَّهْمِ لِثَابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ، أَوْ لِابْنِ عَمٍّ لَهُ، فَكَاتَبْتُهُ عَلَى نَفْسِي فَجِئْتُكَ أَسْتَعِينُكَ عَلَى كِتَابَتِي.

قَالَ: فَهَلْ لَكِ فِي خَيْرٍ مِنْ ذَلِكَ؟ قَالَتْ: وَمَا هُوَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: أَقْضِي عَنْكِ كِتَابَكِ وأتزوجك.

قالت: نعم يا رسول الله قَدْ فَعَلْتُ.

قَالَتْ: وَخَرَجَ الْخَبَرُ إِلَى النَّاسِ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ تَزَوَّجَ جُوَيْرِيَةَ بِنْتَ الْحَارِثِ فَقَالَ النَّاسُ: أَصْهَارُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَرْسَلُوا مَا بِأَيْدِيهِمْ قَالَتْ: فَلَقَدْ أُعْتِقَ بِتَزْوِيجِهِ إِيَّاهَا مِائَةُ أَهْلِ بَيْتٍ مِنْ بَنِي الْمُصْطَلِقِ، فما أعلم امرأة أَعْظَمَ بَرَكَةً عَلَى قَوْمِهَا مِنْهَا (١) .

ثُمَّ ذَكَرَ ابْنُ إِسْحَاقَ قِصَّةَ الْإِفْكِ بِتَمَامِهَا فِي هَذِهِ الْغَزْوَةِ وَكَذَلِكَ الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَقَدْ حَرَّرْتُ طُرُقَ ذَلِكَ كُلِّهِ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ النُّورِ فَلْيُلْحَقْ بِكَمَالِهِ إِلَى هَاهُنَا وَبِاللَّهِ الْمُسْتَعَانُ.

وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنَا حَرَامٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَتْ جُوَيْرِيَةُ بِنْتُ الْحَارِثِ رَأَيْتُ قَبْلَ قُدُومِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم بِثَلَاثِ لَيَالٍ كَأَنَّ الْقَمَرَ يَسِيرُ مِنْ يَثْرِبَ حَتَّى وَقَعَ فِي حِجْرِي، فَكَرِهْتُ أَنْ أُخْبِرَ بِهِ أَحَدًا مِنَ النَّاسِ، حَتَّى قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا سُبِينَا رَجَوْتُ الرُّؤْيَا قَالَتْ: فَأَعْتَقَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَزَوَّجَنِي وَاللَّهِ مَا كَلَّمْتُهُ فِي قَوْمِي حَتَّى كَانَ الْمُسْلِمُونَ هُمُ الَّذِينَ أَرْسَلُوهُمْ، وَمَا شَعَرْتُ إِلَّا بِجَارِيَةٍ مِنْ بَنَاتِ عَمِّي تُخْبِرُنِي الْخَبَرَ فَحَمِدْتُ اللَّهَ تَعَالَى.

قَالَ الْوَاقِدِيُّ: وَيُقَالُ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَعَلَ صَدَاقَهَا عِتْقَ أَرْبَعِينَ مِنْ بَنِي الْمُصْطَلِقِ (٢) .

وَذَكَرَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنْ بَنِي الْمُصْطَلِقِ أَنَّ أَبَاهَا طَلَبَهَا وَافْتَدَاهَا ثُمَّ خَطَبَهَا مِنْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَزَوَّجَهُ إِيَّاهَا (٣) .

قِصَّةُ الْإِفْكِ

وَهَذَا سِيَاقُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ حديث الْإِفْكِ: قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ، عَنْ

عَلْقَمَةَ بْنِ وَقَّاصٍ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَعُرْوَةَ بْنُ الزُّبَيْرِ وَعَبْدُ الله بن عبيد الله (٤) بن عتبة قال


(١) الخبر في سيرة ابن هشام ٣ / ٣٠٨.
(٢) مغازي الواقدي ٢ / ٤١١ وفيه: حزام بن هشام عن أبيه قال: (٣) ذكر رواية ابن عقبة البيهقي في الدلائل من طريق إسماعيل بن إبراهيم بن عقبة: ٤ / ٥١.
وفي رواية لابن هشام وردت في السيرة ٣ / ٣٠٨ قال: فأقبل أبو ها الحارث بفداء ابنته ودفعت إليه ابنته، فأسلمت وحسن إسلامها، فخطبها إلى أبيها، فزوجه إياها وأصدقها أربعمائة درهم.
(٤) في سيرة ابن هشام: وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ.
(*)

<<  <  ج: ص:  >  >>