للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فوالذي نفسي بيده لأدخلنها. فقال له رسول الله : بم؟ قال: بأني أحب الله ورسوله ولا أفر يوم الزحف. فقال له رسول الله : صدقت. واستشهد يومئذ. وأبى كثير من الناس إلا الخروج إلى العدو ولم يتناهوا إلى قول رسول الله ورأيه ولو رضوا بالذي أمرهم كان ذلك ولكن غلب القضاء والقدر، وعامة من أشار عليه بالخروج رجال لم يشهدوا بدرا، قد علموا الذي سبق لأصحاب بدر من الفضيلة، فلما صلى رسول الله الجمعة وعظ الناس وذكرهم وأمرهم بالجد والجهاد ثم انصرف من خطبته وصلاته فدعا بلامته فلبسها ثم أذن في الناس بالخروج. فلما رأى ذلك رجال من ذوي الرأي قالوا: أمرنا رسول الله أن نمكث بالمدينة، وهو أعلم بالله وما يريد ويأتيه الوحي من السماء فقالوا: يا رسول الله أمكث كما أمرتنا فقال: ما ينبغي لنبي إذا أخذ لامة الحرب وأذن بالخروج إلى العدو أن يرجع حتى يقاتل وقد دعوتكم إلى هذا الحديث فأبيتم إلا الخروج، فعليكم بتقوى الله والصبر عند البأس إذا لقيتم العدو وانظروا ماذا أمركم الله به فافعلوا. قال: فخرج رسول الله والمسلمون فسلكوا على البدائع وهم ألف رجل والمشركون ثلاثة آلاف، فمضى رسول الله حتى نزل بأحد ورجع عنه عبد الله بن أبي بن سلول في ثلاثمائة فبقي رسول الله في سبعمائة. قال البيهقي رح هذا هو المشهور عند أهل المغازي أنهم بقوا في سبعمائة مقاتل قال والمشهور عن الزهري أنهم بقوا في أربعمائة مقاتل كذلك رواه يعقوب بن سفيان عن أصبغ عن ابن وهب عن يونس عن الزهري وقيل عنه بهذا الاسناد سبعمائة فالله أعلم (١). قال موسى بن عقبة وكان على خيل المشركين خالد بن الوليد وكان معهم مائة فرس وكان لواؤه مع عثمان بن طلحة (٢) قال ولم يكن من المسلمين فرس واحدة (٣) ثم ذكر الوقعة كما سيأتي تفصيلها إن شاء الله تعالى. وقال محمد بن إسحاق: لما قص رسول الله رؤياه على أصحابه قال لهم: إن رأيتم أن تقيموا بالمدينة وتدعوهم حيث نزلوا، فإن أقاموا أقاموا بشر مقام وان هم دخلوا علينا قاتلناهم فيها وكان رأي عبد الله بن أبي بن سلول مع رأي رسول الله في أن لا يخرج إليهم، فقال رجال من المسلمين، ممن أكرم الله بالشهادة يوم أحد وغيرهم ممن كان فاته بدر: يا رسول الله أخرج بنا إلى أعدائنا لا يرون أنا جبنا عنهم وضعفنا فقال عبد الله بن أبي: يا رسول الله لا تخرج إليهم فوالله ما خرجنا منها إلى عدو قط إلا أصاب منا ولا دخلها علينا إلا أصبنا منه. فلم يزل الناس برسول الله حتى دخل فلبس لامته وذلك يوم الجمعة حين فرغ من الصلاة، وقد مات في ذلك اليوم رجل من بني النجار يقال له مالك بن عمرو فصلى عليه، ثم خرج عليهم وقد ندم الناس وقالوا: استكرهنا رسول الله ولم يكن لنا ذلك. فلما خرج عليهم قالوا: يا رسول الله إن


(١) دلائل النبوة ج ٣/ ٢٢٠.
(٢) في رواية البيهقي عنه: طلحة بن عثمان أخو شيبة بن عثمان والصواب عثمان بن أبي طلحة - أبو شيبة - وقد حمل اللواء بعد قتل أخيه طلحة بن أبي طلحة (مغازي الواقدي ١/ ٢٢٦).
(٣) قال الطبري: لم يكن معه إلا فرسان، فرس لرسول الله وفرس لأبي بردة بن نيار الحارثي.

<<  <  ج: ص:  >  >>