للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن حمران بن أعين، عن أبي الطفيل عن أبي سعيد. قال: حج النبي وأصحابه مشاة من المدينة إلى مكة قد ربطوا أوساطهم ومشيهم خلط الهرولة. فإنه حديث منكر ضعيف الاسناد. وحمزة بن حبيب الزيات ضعيف وشيخه متروك الحديث. وقد قال البزار لا يروى إلا من هذا الوجه وإن كان إسناده حسنا عندنا، ومعناه أنهم كانوا في عمرة إن ثبت الحديث لأنه إنما حج حجة واحدة وكان راكبا وبعض أصحابه مشاة.

قلت: ولم يعتمر النبي في شئ من عمره ماشيا لا في الحديبية ولا في القضاء ولا الجعرانة ولا في حجة الوداع، وأحواله أشهر وأعرف من أن تخفى على الناس بل هذا الحديث منكر شاذ لا يثبت مثله والله أعلم.

فصل

تقدم أنه صلى الظهر بالمدينة أربعا ثم ركب منها إلى الحليفة وهي وادي العقيق، فصلى بها العصر ركعتين، فدل على أنه جاء الحليفة نهارا في وقت العصر، فصلى بها العصر قصرا وهي من المدينة على ثلاثة أميال ثم صلى بها المغرب والعشاء وبات بها حتى أصبح فصلى بأصحابه وأخبرهم أنه جاءه الوحي من الليل بما يعتمده في الاحرام كما قال الإمام أحمد: حدثنا يحيى بن آدم، ثنا زهير عن موسى بن عقبة، عن سالم بن عبد الله بن عمر، عن عبد الله بن عمر، عن النبي : أنه أتى في المعرس من ذي الحليفة فقيل له إنك ببطحاء مباركة. وأخرجاه في الصحيحين من حديث موسى بن عقبة به وقال البخاري: حدثنا الحميدي ثنا الوليد وبشر بن بكر. قالا: ثنا الأوزاعي ثنا يحيى، حدثني عكرمة أنه سمع ابن عباس أنه سمع (١) عمر يقول: سمعت رسول الله بوادي العقيق يقول: " أتاني الليلة آت من ربي فقال صل في هذا الوادي المبارك وقل عمرة في حجة " (٢) تفرد به دون مسلم فالظاهر إن أمره بالصلاة في وادي العقيق هو أمر بالإقامة به إلى أن يصلي صلاة الظهر لان الامر إنما جاءه في الليل وأخبرهم بعد صلاة الصبح فلم يبق إلا صلاة الظهر فأمر أن يصليها هنالك وأن يوقع الاحرام بعدها ولهذا قال: أتاني الليلة آت من ربي ﷿ فقل صل في هذا الوادي المبارك وقل عمرة في حجة، وقد احتج به على الامر بالقرآن في الحج وهو من أقوى الأدلة على ذلك كما سيأتي بيانه قريبا والمقصود أنه أمر بالإقامة بوادي العقيق إلى صلاة الظهر، وقد امتثل صلوات الله وسلامه عليه ذلك، فأقام هنالك وطاف على نسائه في تلك الصبيحة وكن تسع نسوة وكلهن خرج معه ولم يزل هنالك حتى صلى الظهر، كما سيأتي في حديث أبي حسان الأعرج، عن ابن عباس أن رسول الله صلى


(١) من البخاري، وفي الأصل ابن عمر.
(٢) في كتاب الحج ٦١ باب الحديث ١٥٣٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>