للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَفِيهَا قَصَدَ قَحْطَبَةُ فِي جَيْشٍ كَثِيفٍ نَائِبَ الْعِرَاقِ يَزِيدَ بْنَ عُمَرَ بْنِ هُبَيْرَةَ.

فَلَمَّا اقْتَرَبَ مِنْهُ تَقَهْقَرَ ابْنُ هُبَيْرَةَ إِلَى وَرَائِهِ، وَمَا زَالَ يَتَقَهْقَرُ إِلَى أَنْ جَاوَزَ الْفُرَاتَ، وجاء قحطبة فجازها وَرَاءَهُ، وَكَانَ مِنْ أَمْرِهِمَا مَا سَنَذْكُرُهُ فِي السَّنَةِ الْآتِيَةِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثنتين وثلاثين ومائة فِي الْمُحَرَّمِ مِنْهَا جَازَ قَحْطَبَةُ بْنُ شَبِيبٍ الْفُرَاتَ وَمَعَهُ الْجُنُودُ وَالْفُرْسَانُ، وَابْنُ هُبَيْرَةَ مُخَيِّمٌ عَلَى فَمِ الْفُرَاتِ مِمَّا يَلِي الْفَلُّوجَةَ، فِي خلقٍ كَثِيرٍ وجمٌ غَفِيرٍ، وَقَدْ أَمَدَّهُ مَرْوَانُ بجنودٍ كثيرةٍ (١) ، وَانْضَافَ إِلَيْهِ كُلُّ مَنِ انْهَزَمَ مِنْ جَيْشِ ابْنِ ضُبَارَةَ.

ثُمَّ إِنَّ قَحْطَبَةَ عَدَلَ إِلَى الْكُوفَةِ لِيَأْخُذَهَا، فَاتَّبَعَهُ ابْنُ هُبَيْرَةَ.

فَلَمَّا كَانَتْ لَيْلَةُ الْأَرْبِعَاءِ لِثَمَانٍ مَضَيْنَ مِنَ الْمُحَرَّمِ اقْتَتَلُوا قِتَالًا شَدِيدًا وَكَثُرَ الْقَتْلُ فِي الفريقين، ثم ولى أَهْلُ الشَّامِ مُنْهَزِمِينَ وَاتَّبَعَهُمْ أَهْلُ خُرَاسَانَ، وَفُقِدَ قَحْطَبَةُ مِنَ النَّاسِ فَأَخْبَرَهُمْ رَجُلٌ أَنَّهُ قُتِلَ وأوصى أَنْ يَكُونَ أَمِيرُ النَّاسِ مِنْ بَعْدِهِ وَلَدَهُ الْحَسَنَ، وَلَمْ يَكُنِ الْحَسَنُ حَاضِرًا، فَبَايَعُوا حُمَيْدَ بْنَ قَحْطَبَةَ لِأَخِيهِ الْحَسَنِ وَذَهَبَ الْبَرِيدُ إِلَى الْحَسَنِ لِيَحْضُرَ.

وَقُتِلَ فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ جَمَاعَةٌ من الْأُمَرَاءِ.

وَالَّذِي قَتَلَ قَحْطَبَةَ مَعْنُ بْنُ زَائِدَةَ، وَيَحْيَى بْنُ حُصَيْنٍ.

وَقِيلَ بَلْ قَتَلَهُ رَجُلٌ ممن كان معه آخذا بثأر ابني نَصْرِ بْنِ سَيَّارٍ فَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَوُجِدَ قَحْطَبَةُ في القتلى فدفن هنالك (٢) ، وجاء الحسن بن قحطبة فسار نَحْوَ الْكُوفَةِ، وَقَدْ خَرَجَ بِهَا مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْقَسْرِيُّ وَدَعَا إِلَى بَنِي العبَّاس وسوَّد، وَكَانَ خُرُوجُهُ لَيْلَةَ عَاشُورَاءَ الْمُحَرَّمِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ، وَأَخْرَجَ عَامِلَهَا مِنْ جِهَةِ ابْنِ هُبَيْرَةَ، وَهُوَ زِيَادُ بْنُ صَالِحٍ الْحَارِثِيُّ، وَتَحَوَّلَ مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدٍ إِلَى

قَصْرِ الْإِمَارَةِ فَقَصَدَهُ حَوْثَرَةُ فِي عِشْرِينَ أَلْفًا مِنْ جهة ابن هبيرة، فلما اقترب من الكوفة أصحاب حوثرة يَذْهَبُونَ إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ فَيُبَايِعُونَهُ لِبَنِي الْعَبَّاسِ، فَلَمَّا رَأَى حَوْثَرَةُ ذَلِكَ ارْتَحَلَ إِلَى وَاسِطَ، وَيُقَالُ بَلْ دَخَلَ الْحَسَنُ بْنُ قَحْطَبَةَ الْكُوفَةَ، وَكَانَ قَحْطَبَةُ قَدْ جَعَلَ فِي وَصِيَّتِهِ أَنْ تَكُونَ وِزَارَةُ الْخِلَافَةِ إِلَى أَبِي سَلَمَةَ حَفْصِ بْنِ سُلَيْمَانَ مَوْلَى السَّبِيعِ الْكُوفِيِّ الْخَلَّالِ، وَهُوَ بِالْكُوفَةِ، فَلَمَّا قَدِمُوا عَلَيْهِ أَشَارَ أَنْ يَذْهَبَ الْحَسَنُ بْنُ قَحْطَبَةَ فِي جَمَاعَةٍ مِنَ الْأُمَرَاءِ إِلَى قِتَالِ ابْنِ هُبَيْرَةَ بِوَاسِطَ، وَأَنْ يَذْهَبَ أَخُوهُ حُمَيْدٌ إِلَى الْمَدَائِنِ، وَبَعَثَ الْبُعُوثَ إلى كل جانب يفتتحونها، وفتحوا البصرة، افتتحها مسلم بْنُ قُتَيْبَةَ لِابْنِ هُبَيْرَةَ، فَلَمَّا قُتِلَ ابْنُ هبيرة جَاءَ أَبُو مَالِكٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُسَيْدٍ الْخُزَاعِيُّ فَأَخَذَ الْبَصْرَةَ لِأَبِي مُسْلِمٍ الْخُرَاسَانِيِّ.

وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ لِثَلَاثَ عَشْرَةَ خَلَتْ مِنْ رَبِيعٍ الْآخِرِ مِنْهَا، أُخِذَتِ الْبَيْعَةُ لِأَبِي العباس


(١) أمده مروان بعشرين ألفا عليهم حوثرة بن سهيل الباهلي (الطبري) .
(٢) في ابن الاثير ٥ / ٤٠٤: وجدوه في جدول وحرب بن سالم بن احوز قتيلين فظنوا إن كل واحد منهما قتل صاحبه..وفي الاخبار الطوال ص ٣٦٩: وفقد قحطبة بن شبيب فلم يدر أين ذهب.
وفي ابن الاعثم ٨ / ١٧٦: انهار الجرف من تحت قوائم الفرس فسقط به في الفرات فغرق ولم يعلم به أحد من أصحابه.
(*)

<<  <  ج: ص:  >  >>