للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* لو كان أحجاري مع الاحذاف (١) *

يريد الأجداث. قال [ابن هشام]: وحدثني أبو عبيدة أن العرب تقول فم في موضع ثم. قلت: ومن ذلك قول بعض المفسرين وفومها أن المراد ثومها.

وقد اختلف العلماء في تعبده قبل البعثة هل كان على شرع أم لا؟ وما ذلك الشرع فقيل شرع نوح وقيل شرع إبراهيم. وهو الأشبه الأقوى. وقيل موسى، وقيل عيسى، وقيل كل ما ثبت أنه شرع عنده اتبعه وعمل به، ولبسط هذه الأقوال ومنا سباتها مواضع أخر في أصول الفقه والله أعلم.

وقوله حتى فجئه الحق وهو بغار حراء أي جاء بغتة على غير موعد كما قال تعالى: (وما كنت ترجو أن يلقى إليك الكتاب إلا رحمة من ربك) [النمل: ٨٦] الآية. وقد كان نزول صدر هذه السورة الكريمة وهي: (اقرأ باسم ربك الذي خلق خلق الانسان من علق اقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم علم الانسان ما لم يعلم) (٢) وهي أول ما نزل من القرآن كما قررنا ذلك في التفسير وكما سيأتي أيضا في يوم الاثنين كما ثبت في صحيح مسلم عن أبي قتادة أن رسول الله : سئل عن صوم يوم الاثنين؟ فقال: " ذاك يوم ولدت فيه، ويوم أنزل علي فيه " (٣) وقال ابن عباس: ولد نبيكم محمد يوم الاثنين، ونبئ يوم الاثنين (٤). وهكذا قال عبيد بن عمير وأبو جعفر الباقر وغير واحد من العلماء: إنه أوحى إليه يوم الاثنين، وهذا ما لا خلاف فيه بينهم.


(١) في سيرة ابن هشام: الأجداف. وزعم ابن جني أن جدف بالفاء لا يجمع على أجداف (أنظر الروض الآنف).
(٢) أول سورة العلق. قال صاحب الظلال: مطلع هذه السورة هو أول ما نزل من القرآن باتفاق، والروايات التي تذكر نزول غيرها ابتداء ليست وثيقة.
هذه البداية حادث ضخم بحقيقته وضخم بدلالته. فدلالته: في أنه تعالى ذو الفضل الواسع بفيض من عطائه ورحمته بلا سبب ولا علة. ودلالته أن الله تعالى أكرم الانسان كرامة لا يكاد يتصورها. وآثاره في حياة البشرية قد بدأت منذ اللحظة الأولى، في تحويل خط التاريخ، فقد تحددت الجهة التي يتطلع إليها الانسان ويتلقى عنها تصوراته وقيمه وموازينه.
هذه الحقيقة القرآنية الأولى التي تلقاها قلب رسول الله في اللحظة الأولى هي التي ظلت تصرف شعوره، ولسانه وعمله بعد ذلك طوال حياته بوصفها قاعدة الايمان الأولى. ٨/ ٦١٨ باختصار.
(٣) صحيح مسلم في ١٣ كتاب الصيام (٣٦) باب حديث رقم ١٩٧ ومسند أحمد ٥/ ٢٩٧ - ٢٩٩ السنن الكبرى للبيهقي ٤/ ٢٩٣.
(٤) مسند أحمد ج ١/ ٢٧٧ وهو في مجمع الزوائد ١/ ١٩٦ ونسبه لأحمد والطبراني في الكبير وقال: فيه ابن لهيعة، وهو ضعيف وبقية رجاله ثقات من أهل الصحيح ".

<<  <  ج: ص:  >  >>