للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التي تعاقدت فيها بطون قريش، وتمالأوا على بني هاشم وبني المطلب أن لا يؤووهم، ولا يناكحوهم، ولا يبايعوهم، حتى يسلموا إليهم رسول الله ، فدخلت بنو هاشم وبنو المطلب، بمسلمهم وكافرهم شعب أبي طالب أنفين لذلك ممتنعين منه أبدا، ما بقوا دائما، ما تناسلوا وتعاقبوا، وفي ذلك عمل أبو طالب قصيدته اللامية التي يقول فيها:

كذبتم وبيت الله نبزي محمدا … ولما نقاتل دونه ونناضل

ونسلمه حتى نصرع حوله … ونذهل عن أبنائنا والحلائل

وما ترك قوم لا أبا لك سيدا … يحوط الذمار غير ذرب مواكل

وأبيض يستسقى الغمام بوجهه … ثمال اليتامى عصمة للأرامل

يلوذ به الهلاك من آل هاشم … فهم عنده في نعمة وفواضل

وكانت قريش قد علقت صحيفة الزعامة في سقف الكعبة، فسلط الله عليها الأرضة فأكلت ما فيها من أسماء الله، لئلا يجتمع بما فيها من الظلم والفجور، وقيل: إنها أكلت ما فيها إلا أسماء الله ﷿، فأخبر بذلك رسول الله عمه أبا طالب، فجاء أبو طالب إلى قريش فقال: إن ابن أخي قد أخبرني بخبر عن صحيفتكم، فإن الله قد سلط عليها الأرضة فأكلتها إلا ما فيها من أسماء الله، أو كما قال: فأحضروها، فأن كان كما قال وإلا أسلمته إليكم، فأنزلوها ففتحوها فإذا الامر كما أخبر به رسول الله ، فعند ذلك نقضوا حكمها ودخلت بنو هاشم وبنو المطلب مكة، ورجعوا إلى ما كانوا عليه قبل ذلك، كما أسلفنا ذكره ولله الحمد … ومن ذلك حديث خباب بن الأرت، حين جاء هو وأمثاله من المستضعفين يستنصرون النبي ، وهو يتوسد رداءه في ظل الكعبة فيدعو لهم لما هم فيه من العذاب والإهانة، فجلس محمرا وجهه وقال: إن من كان قبلكم كان أحدهم يشق باثنتين ما يصرفه ذلك عن دينه، والله ليتمن الله هذا الامر ولكنكم تستعجلون … ومن ذلك الحديث الذي رواه البخاري: ثنا محمد بن العلاء (١)، ثنا حماد بن أسامة، عن يزيد بن عبد الله بن أبي بردة عن أبيه عن جده أبي بردة عن أبي موسى، أراه عن النبي قال: رأيت في المنام أني أهاجر من مكة إلى أرض فيها نخل، فذهب وهلي إلى أنها اليمامة أو هحر، فإذا هي المدينة يثرب، ورأيت في رؤياي هذه أني هززت سيفا فانقطع صدره، فإذا هو ما أصيب من المؤمنين يوم أحد، ثم هززته أخرى فعاد أحسن ما كان، فإذا هو ما جاء به من الفتح واجتماع المؤمنين، ورأيت فيها بقرا والله خير، فإذا هم المؤمنون يوم أحد، وإذا الخير ما جاء الله به من الخير وثواب الصدق الذي أتانا بعد يوم بدر (٢) … ومن ذلك قصة سعد بن معاذ مع


(١) العبارة في البخاري: ثنا أبو أسامة عن بريد بن عبد الله بن أبي بردة عن أبيه عن جده أبي بردة عن أبي موسى - أري عن النبي صلى الله عليه وآله - قال: …
(٢) أخرجه البخاري في غير موضع مقطعا في المغازي حديث ٤٠٨١، وفي المناقب - علامات النبوة - وفي التعبير باب إذا رأى بقرا تنحر. وأخرجه مسلم في الرؤيا ح ٢٠ ص ١٧٧٩. وأخرجه ابن ماجة في تعبير الرؤيا عن محمود بن غيلان عن أبي أسامة.
شرح المفردات:
- وهلي: وهمي. هجر: مدينة معروفة وهي قاعدة البحرين.
- والله خير: قال القاضي عياض: قد ضبطنا هذا الحرف عن جميع الرواة: والله خير على المبتدأ والخبر.

<<  <  ج: ص:  >  >>