للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ الْوَاقِدِيُّ وَأَبُو مَعْشَرٍ: وَحَجَّ بِالنَّاسِ فِي هَذِهِ السَّنَةِ أَبَانُ بْنُ عُثْمَانَ، وَقَالَ غَيْرُهُمَا: بَلْ حَجَّ بِهِمْ سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ، وَكَانَ عَلَى الصَّائِفَةِ فِي هَذِهِ السَّنَةِ الْوَلِيدُ بن عبد الملك، وعلى المدينة أبان ابن عُثْمَانَ، وَعَلَى الْمَشْرِقِ بِكَمَالِهِ الْحَجَّاجُ، وَعَلَى قَضَاءِ الْكُوفَةِ أَبُو بُرْدَةَ بْنُ أَبِي مُوسَى، وَعَلَى قَضَاءِ الْبَصْرَةِ مُوسَى بْنُ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ.

وممَّن توفِّي فِي هَذِهِ السَّنَةِ مِنَ الْأَعْيَانِ أَسْلَمُ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَهُوَ أَبُو زَيْدِ بْنُ أَسْلَمَ أَصْلُهُ مِنْ سَبْيِ عَيْنِ التَّمْرِ اشْتَرَاهُ عُمَرُ بِمَكَّةَ لَمَّا حَجَّ سَنَةَ إِحْدَى عَشْرَةَ، وَتُوُفِّيَ وَعُمْرُهُ مِائَةٌ وَأَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَرَوَى عَنْ عُمَرَ عِدَّةَ أَحَادِيثَ، وَرَوَى عَنْ غَيْرِهِ مِنْ أَصْحَابِهِ

أَيْضًا وَلَهُ مَنَاقِبُ كثيرة رحمه الله.

جبير بن نفير ابن مَالِكٍ الْحَضْرَمِيُّ لَهُ صُحْبَةٌ وَرِوَايَةٌ، وَكَانَ مِنْ عُلَمَاءِ أَهْلِ الشَّام وَكَانَ مَشْهُورًا بِالْعِبَادَةِ وَالْعِلْمِ تُوُفِّيَ بِالشَّامِ وَعُمْرُهُ مِائَةٌ وَعِشْرُونَ سَنَةً، وَقِيلَ أَكْثَرُ وَقِيلَ أَقَلُّ.

عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وُلِدَ بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ وَأُمُّهُ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ، وَهُوَ آخِرُ مَنْ رَأَى النَّبيّ صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ وَفَاةً، سَكَنَ الْمَدِينَةَ، وَلَمَّا اسْتُشْهِدَ أَبُوهُ جَعْفَرٌ بِمُؤْتَةَ " أَتَى النَّبيّ صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى أُمِّهِمْ فَقَالَ: ائْتُونِي بِبَنِي أَخِي، فَأُتِيَ بِهِمْ كَأَنَّهُمْ أَفْرُخٌ، فَدَعَا بِالْحَلَّاقِ فَحَلَقَ رؤوسهم ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ اخْلُفْ جَعْفَرًا فِي أَهْلِهِ وَبَارِكْ لِعَبْدِ اللَّهِ فِي صَفْقَتِهِ، فَجَاءَتْ أُمُّهُمْ فَذَكَرَتْ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ ليس لهم شئ، فَقَالَ أَنَا لَهُمْ عِوَضًا مِنْ أَبِيهِمْ " وَقَدْ بَايَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَعْفَرٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ وَعُمْرُهُمَا سَبْعُ سِنِينَ، وَهَذَا لَمْ يَتَّفِقْ لِغَيْرِهِمَا، وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ مِنْ أَسْخَى النَّاسِ، يُعْطِي الْجَزِيلَ الْكَثِيرَ وَيَسْتَقِلُّهُ، وَقَدْ تَصَدَّقَ مَرَّةً بِأَلْفَيْ أَلْفٍ، وَأَعْطَى مَرَّةً رَجُلًا سِتِّينَ أَلْفًا، وَمَرَّةً أَعْطَى رَجُلًا أَرْبَعَةَ آلَافِ دِينَارٍ، وَقِيلَ إِنَّ رَجُلًا جَلَبَ مَرَّةً سُكَّرًا إِلَى الْمَدِينَةِ فَكَسَدَ عَلَيْهِ فَلَمْ يَشْتَرِهِ أَحَدٌ فَأَمَرَ ابن جعفر قيمه أن يشتريه وأن يهديه لِلنَّاسِ.

وَقِيلَ: إِنَّ مُعَاوِيَةَ لَمَّا حَجَّ وَنَزَلَ فِي دَارِ مَرْوَانَ قَالَ يَوْمًا لِحَاجِبِهِ: انْظُرْ هَلْ تَرَى بِالْبَابِ الْحَسَنَ أَوِ الْحُسَيْنَ أَوِ ابْنَ جَعْفَرٍ أَوْ فُلَانًا - وَعَدَّ جَمَاعَةً - فَخَرَجَ فَلَمْ يَرَ أَحَدًا، فَقِيلَ لَهُ: هُمْ مُجْتَمِعُونَ عِنْدَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ يَتَغَدَّوْنَ، فَأَتَى مُعَاوِيَةَ فَأَخْبَرَهُ فَقَالَ: مَا أَنَا إِلَّا كَأَحَدِهِمْ، ثُمَّ أَخَذَ عَصًا فَتَوَكَّأَ عَلَيْهَا ثُمَّ أَتَى بَابَ ابْنِ جَعْفَرٍ فَاسْتَأْذَنَ عَلَيْهِ وَدَخَلَ فَأَجْلَسَهُ فِي صَدْرِ فِرَاشِهِ، فَقَالَ لَهُ مُعَاوِيَةُ: أَيْنَ غداؤك يا بن جعفر؟ فقال: وما تشتهي من شئ فأدعو بِهِ؟ فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: أَطْعِمْنَا مُخًّا، فَقَالَ يَا غلام هات مخاً، فأتى بصحيفة فَأَكَلَ مُعَاوِيَةُ، ثُمَّ قَالَ ابْنُ جَعْفَرٍ لِغُلَامِهِ، هات مخاً، فجاء بصحيفة أُخْرَى مَلْآنَةً مُخًّا إِلَى أَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>