للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كُلْثُومٍ، وَقَدْ قُتِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبَاهُ بَعْدَ وَقْعَةِ بَدْرٍ مِنْ بَيْنِ الْأَسْرَى صَبْرًا بَيْنَ يَدَيْهِ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ مَنْ لِلصِّبْيَةِ؟ فَقَالَ: " لَهُمُ النَّارُ " وَكَذَلِكَ فَعَلَ بِالنَّضْرِ بْنِ الْحَارِثِ.

وَأَسْلَمَ الْوَلِيدُ هَذَا يَوْمَ الْفَتْحِ، وَقَدْ بَعَثَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى صَدَقَاتِ بَنِي الْمُصْطَلِقِ فَخَرَجُوا يَتَلَقَّوْنَهُ فَظَنَّ أَنَّهُمْ إِنَّمَا خَرَجُوا لَقِتَالِهِ فَرَجَعَ، فَأُخْبِرَ بِذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم فَأَرَادَ أَنْ يُجَهِّزَ إِلَيْهِمْ جَيْشًا، فبلغهم ذلك فجاء من جاء

منهم ليعتذر إليه ويخبرونه بِصُورَةِ مَا وَقَعَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى فِي الوليد: * (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ) * الْآيَةَ [الْحُجُرَاتِ: ٦] .

ذَكَرَ ذَلِكَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِصِحَّةِ ذَلِكَ.

وَقَدْ حَكَى أَبُو عَمْرِو بْنُ عَبْدِ الْبَرِّ عَلَى ذَلِكَ الْإِجْمَاعَ.

وَقَدْ وَلَّاهُ عُمَرُ صَدَقَاتِ بَنِي تَغْلِبَ، وَوَلَّاهُ عُثْمَانُ نِيَابَةَ الْكُوفَةِ بَعْدَ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، سَنَةَ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ، ثُمَّ شَرِبَ الْخَمْرَ وَصَلَّى بِأَصْحَابِهِ ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَيْهِمْ فَقَالَ: أَزِيدُكُمْ؟ وَوَقَعَ مِنْهُ تَخْبِيطٌ، ثُمَّ إِنَّ عُثْمَانَ جَلَدَهُ وَعَزَلَهُ عَنِ الْكُوفَةِ بَعْدَ أَرْبَعِ سِنِينَ فَأَقَامَ بِهَا، فَلَمَّا جَاءَ عَلِيٌّ إِلَى الْعِرَاقِ سَارَ إِلَى الرَّقَّةِ وَاشْتَرَى لَهُ عِنْدَهَا ضَيْعَةً وَأَقَامَ بِهَا مُعْتَزِلًا جَمِيعَ الْحُرُوبِ الَّتِي كَانَتْ أَيَّامَ عَلِيٍّ وَمُعَاوِيَةَ وَمَا بَعْدَهَا إِلَى أَنْ توفي بضيعته في هذه السنة، ودفن بضيعته وَهِيَ عَلَى خَمْسَةَ عَشَرَ مِيلًا مِنَ الرَّقَّةِ، وَيُقَالُ: إِنَّهُ تُوُفِّيَ فِي أَيَّامِ مُعَاوِيَةَ فَاللَّهُ أَعْلَمُ.

رَوَى لَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ حَدِيثًا وَاحِدًا فِي فَتْحِ مَكَّةَ، وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ وَفَاتَهُ فِي هَذِهِ السَّنَةِ، وَذَكَرَ أَيْضًا وَفَاةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ مَيْمُونَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ الْهِلَالِيَّةِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُ وَفَاتِهَا فِي سَنَةِ إِحْدَى وَخَمْسِينَ، وَقِيلَ إِنَّهَا تُوُفِّيَتْ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ، وَقِيلَ سَنَةَ سِتٍّ وَسِتِّينَ، وَالصَّوَابُ مَا ذَكَرْنَاهُ.

أُمُّ سَلَمَةَ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ هِنْدُ بِنْتُ أبي أمية حذيفة وقيل سهل بْنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ مَخْزُومٍ، الْقُرَشِيَّةُ الْمَخْزُومِيَّةُ كَانَتْ أَوَّلًا تَحْتَ ابْنِ عَمِّهَا أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الْأَسَدِ فَمَاتَ عَنْهَا، فتزوَّجها رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَدَخَلَ بِهَا فِي شَوَّالٍ سَنَةَ ثِنْتَيْنِ بَعْدَ وَقْعَةِ بَدْرٍ، وَقَدْ كَانَتْ سَمِعَتْ مِنْ زَوْجِهَا أَبِي سَلَمَةَ: حَدِيثًا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

أَنَّهُ قَالَ: " مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُصَابُ بِمُصِيبَةٍ فَيَقُولُ: إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، اللَّهُمَّ أْجُرْنِي فِي مُصِيبَتِي وَاخْلُفْ لِي خَيْرًا مِنْهَا، إِلَّا أَبْدَلَهُ اللَّهُ خَيْرًا مِنْهَا " قَالَتْ: فَلَمَّا مَاتَ أَبُو سَلَمَةَ قُلْتُ ذَلِكَ ثمَّ قُلْتُ: وَمَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْ أَبِي سَلَمَةَ أَوَّلِ رَجُلٍ هَاجَرَ؟ ثُمَّ عَزَمَ اللَّهُ لِي فَقُلْتُهَا فَأَبْدَلَنِي اللَّهُ خَيْرًا مِنْهُ، رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَتِ مِنْ حِسَانِ النِّسَاءِ وَعَابِدَاتِهِنَّ.

قَالَ الْوَاقِدِيُّ: تُوُفِّيَتْ سَنَةَ تِسْعٍ وَخَمْسِينَ وَصَلَّى عَلَيْهَا أَبُو هُرَيْرَةَ.

وَقَالَ ابْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ: تُوُفِّيَتْ فِي أيَّام يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ.

قُلْتُ: وَالْأَحَادِيثُ الْمُتَقَدِّمَةُ فِي مَقْتَلِ الْحُسَيْنِ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا عَاشَتْ إِلَى مَا بَعْدَ مَقْتَلِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

ورضي الله

عنها وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ.

ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثِنْتَيْنِ وستين

يقال فيها قدم وفد المدينة النبوية عَلَى يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ فَأَكْرَمَهُمْ وَأَجَازَهُمْ بِجَوَائِزَ سنية، ثم

<<  <  ج: ص:  >  >>