للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْجِذْعِ، وَتَسْلِيمِ الْحَجَرِ والشَّجر وَالْمَدَرِ عَلَيْهِ، وَتَكْلِيمِ الذِّراع لَهُ وَغَيْرِ ذَلِكَ * وأمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: * (وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ) * [الأنعام: ٧٥] وَالْآيَاتُ بَعْدَهَا، فَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: * (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ، لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) * [الإسراء: ١] وَقَدْ ذَكَرَ ذَلِكَ ابْنُ حَامِدٍ فِيمَا وَقَفْتُ عَلَيْهِ بَعْدُ، وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي أَحَادِيثِ الْإِسْرَاءِ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا، وَمِنَ التَّفسير مَا شَاهَدَهُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِهِ مِنَ الْآيَاتِ فِيمَا بَيْنَ مَكَّةَ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ، وَفِيمَا بَيْنَ ذَلِكَ إِلَى سَمَاءِ الدُّنيا، ثمَّ عاين من الآيات في السَّموات السَّبع وَمَا فَوْقَ ذَلِكَ، وَسِدْرَةِ الْمُنْتَهَى، وجنَّة الْمَأْوَى، والنَّار الَّتِي هِيَ بِئْسَ الْمَصِيرُ وَالْمَثْوَى، وَقَالَ عَلَيْهِ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ فِي حَدِيثِ الْمَنَامِ - وَقَدْ رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وصحَّحه، وَغَيْرُهُمَا - فتجلَّى لي كل شئ لي وَعَرَفْتُ * وَذَكَرَ ابْنُ حَامِدٍ فِي مُقَابَلَةِ ابْتِلَاءِ الله يعقوب عليه السلام بفقده وَلَدِهِ يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَصَبْرِهِ وَاسْتِعَانَتِهِ رَبَّهُ عز وجل، موت إبراهيم بن رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم، وَصَبْرَهُ عَلَيْهِ، وَقَوْلَهُ: تَدْمَعُ الْعَيْنُ وَيَحْزَنُ الْقَلْبُ، وَلَا نَقُولُ إِلَّا مَا يُرْضِي رَبَّنَا، وَإِنَّا بِكَ يا إبراهيم لمحزونون * قلت: وقد مات بَنَاتُهُ الثَّلاثة: رُقَيَّةُ، وَأُمُّ كُلْثُومٍ، وَزَيْنَبُ، وَقُتِلَ عمَّه الحمزة، أَسَدُ اللَّهِ وَأَسَدُ رَسُولِهِ يَوْمَ أُحُدٍ، فَصَبَرَ وَاحْتَسَبَ * وَذَكَرَ فِي مُقَابَلَةِ حُسنِ يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَا ذَكَرَ مِنْ جَمَالِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَهَابَتِهِ وَحَلَاوَتِهِ شَكْلًا ونفعاً وهدياً، ودلاً، ويمناً، كَمَا تقدَّم فِي شَمَائِلِهِ مِنَ الْأَحَادِيثِ الدَّالَّةِ على ذلك، كما قالت الرَّبيع بنت مسعود: لَوْ رَأَيْتَهُ لَرَأَيْتَ الشَّمس طَالِعَةً * وَذَكَرَ فِي مُقَابَلَةِ مَا ابْتُلِيَ بِهِ يُوسُفُ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنَ الْفُرْقَةِ وَالْغُرْبَةِ، هِجْرَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ، وَمُفَارَقَتَهُ وَطَنَهُ وَأَهْلَهُ

وَأَصْحَابَهُ الَّذِينَ كَانُوا بِهَا *

الْقَوْلُ فِيمَا أُوتِيَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنَ الآيات وأعظمهنَّ تِسْعُ آيَاتٍ كَمَا قَالَ تَعَالَى: * (وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ) * [الإسراء: ١٠١] وَقَدْ شَرَحْنَاهَا فِي التَّفسير، وَحَكَيْنَا قَوْلَ السَّلف فِيهَا، وَاخْتِلَافَهُمْ فِيهَا، وأنَّ الْجُمْهُورَ عَلَى أَنَّهَا هِيَ الْعَصَا فِي انْقِلَابِهَا حيَّة تَسْعَى، وَالْيَدُ، إِذَا أدخل يده في جيب درعه أخرجها تضئ كَقِطْعَةِ قَمَرٍ يَتَلَأْلَأُ إِضَاءَةً، وَدُعَاؤُهُ عَلَى قَوْمِ فِرْعَوْنَ حِينَ كذَّبوه فَأَرْسَلَ عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ، آيَاتٍ مُفَصَّلَاتٍ، كَمَا بَسَطْنَا ذَلِكَ فِي التَّفْسِيرِ، وَكَذَلِكَ أَخَذَهُمُ اللَّهُ بالسِّنين، وَهِيَ نَقْصُ الْحُبُوبِ: وَبِالْجَدْبِ وَهُوَ نَقْصُ الثِّمار، وَبِالْمَوْتِ الذَّريع وَهُوَ نَقْصُ الْأَنْفُسِ، وَهُوَ الطُّوفان فِي قَوْلٍ، وَمِنْهَا فَلْقُ الْبَحْرِ لِإِنْجَاءِ بَنِي إسرائيل وإغراق آل فرعون، ومنها تضليل بَنِي إسْرائِيلَ فِي التِّيه، وَإِنْزَالُ الْمَنِّ والسَّلوى عَلَيْهِمْ وَاسْتِسْقَاؤُهُ لَهُمْ، فَجَعَلَ اللَّهُ مَاءَهُمْ يَخْرُجُ مِنْ حَجَرٍ يُحْمَلُ مَعَهُمْ عَلَى دَابَّةٍ، لَهُ أَرْبَعَةُ وُجُوهٍ، إِذَا ضَرَبَهُ مُوسَى بِعَصَاهُ يَخْرُجُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ ثَلَاثَةُ أعين لكلِّ سبط عين، ثمَّ يضربه فينقلع، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ الْبَاهِرَاتِ، كَمَا بَسَطْنَا ذَلِكَ فِي التَّفسير، وَفِي قصَّة مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا فِي قَصَصِ الأنبياء منه، ولله الحمد

<<  <  ج: ص:  >  >>