للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك للملك، فلما فهمت ذلك أمهما علمت عليه وسلطت عليه الأمراء فقتلوه وهو نائم وملكوا عليهم أكبر ولديها. وفي ربيع الأول صرف عن القضاء أبو بكر أحمد بن سيار وأعيد إليه أبو محمد بن معروف. قال ابن الجوزي: وفيها نقصت دجلة حتى غارت الآبار. وحج بالناس الشريف أبو أحمد النقيب، وانقض كوكب في ذي الحجة فأضاءت له الأرض حتى بقي له شعاع كالشمس، ثم سمع له صوت كالرعد. قال ابن الأثير: وفي المحرم منها خطب للمعز الفاطمي بدمشق عن أمر جعفر بن فلاح الذي أرسله جوهر القائد بعد أخذه مصر، فقاتله أبو محمد الحسن بن عبد الله بن طغج بالرملة فغلبه ابن فلاح وأسره وأرسله إلى جوهر فأرسله إلى المعز وهو بإفريقية. وفيها وقعت المنافرة بين ناصر الدولة بن حمدان وبين ابنه أبي تغلب، وسببه أنه لما مات معز الدولة بن بويه عزم أبو تغلب ومن وافقه من أهل بيته على أخذ بغداد، فقال لهم أبوهم: إن معز الدولة قد ترك لولده عز الدولة أموالا جزيلة فلا تقدرون عليه ما دامت في يده، فاصبروا حتى ينفقها فإنه مبذر، فإذا أفلس فسيروا إليه فإنكم تغلبونه، فحقد عليه ولده أبو تغلب بسبب هذا القول ولم يزل بأبيه حتى سجنه بالقلعة، فاختلف أولاده بينهم وصاروا أحزابا، وضعفوا عما في أيديهم، فبعث أبو تغلب إلى عز الدولة يضمن منه بلاد الموصل بألف ألف كل سنة، واتفق موت أبيه ناصر الدولة في هذه السنة، واستقر أبو تغلب بالموصل وملكها، إلا أنهم فيما بينهم مختلفين متحاربين. وفيها دخل ملك الروم إلى طرابلس فأحرق كثيرا منها وقتل خلقا، وكان صاحب طرابلس قد أخرجه أهلها منها لشدة ظلمه، فأسرته الروم واستحوذوا على جميع أمواله وحواصله، وكانت كثيرة جدا، ثم مالوا على السواحل فملكوا ثمانية عشر بلدا سوى القرى، وتنصر خلق كثير على أيديهم فإنا لله وإنا إليه راجعون. وجاؤوا إلى حمص فأجرقوا ونهبوا وسبوا، ومكث ملك الروم شهرين يأخذ ما أراد من البلاد ويأسر من قدر عليه، وصارت له مهابة في قلوب الناس، ثم عاد إلي بلده ومعه من السبي نحو من مائة ألف ما بين صبي وصبية، وكان سبب عوده إلى بلاده كثرة الأمراض في جيشه واشتياقهم إلى أولادهم، وبعث سرية إلى الجزيرة فنهبوا وسبوا، وكان قرعويه غلام سيف الدولة قد استحوذ على حلب وأخرج منها ابن أستاذه شريف، فسار إلى طرف وهي تحت حكمه فأبوا أن يمكنوه من الدخول إليهم، فذهب إلى أمه بميافارقين، وهي ابنة سعيد بن حمدان فمكث عندها حينا ثم سار إلى حماه فملكها، ثم عاد إلى حلب بعد سنتين كما سيأتي، ولما عاثت الروم في هذه السنة بالشام صانعهم قرعويه عن حلب، وبعث إليهم بأموال وتحف ثم عادوا إلى أنطاكية فملكوها وقتلوا خلقا كثيرا من أهلها، وسبوا عامة أهلها وركبوا إلى حلب وأبو المعالي شريف محاصر قرعويه بها، فخافهم فهرب عنها فحاصرها الروم فأخذوا البلد، وامتنعت القلعة عليهم ثم اصطلحوا مع قرعويه على هدية ومال يحمله إليهم كل سنة، وسلموا إليه البلد ورجعوا عنه. وفيها خرج على المعز الفاطمي وهو بإفريقية رجل يقال له أبو خزر فنهض إليه بنفسه وجنوده، وطرده ثم عاد فاستأمنه فقبل منه وصفح عنه وجاءه الرسول من جوهر يبشره بفتح مصر وإقامة الدعوة له بها، ويطلبه إليها، ففرح بذلك وامتدحه الشعراء من جملتهم شاعره محمد بن هانئ قصيدة له أولها:

<<  <  ج: ص:  >  >>