للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تقدم إلا أنه ذكر أنَّه ما كره حتَّى أَنْزَلَهُ مِنَ الْحِصْنِ، وَذَكَرَ أنَّه قَدِمَ مع أُكَيدر إلى رسول الله ثَمَانُمِائَةٍ مِنَ السَّبْيِ، وَأَلْفُ بَعِيرٍ، وَأَرْبَعُمِائَةِ دِرْعٍ، وَأَرْبَعُمِائَةِ رُمْحٍ، وَذَكَرَ أنَّه لَمَّا سَمِعَ عَظِيمُ أيلة يحنة بن رؤبة بقضية أُكَيدر أقبل قادماً إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصالحه فَاجْتَمَعَا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِتَبُوكَ فَاللَّهُ أَعْلَمُ (١) .

وَرَوَى يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَوْسٍ، عَنْ بِلَالِ بْنِ يَحْيَى: أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ كَانَ عَلَى الْمُهَاجِرِينَ فِي غَزْوَةِ دُومَةِ الْجَنْدَلِ، وَخَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ عَلَى الْأَعْرَابِ فِي غَزْوَةِ دُومَةِ الجندل، فالله أعلم (٢) .

[فصل]

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: فَأَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم بضع عشرة ليلة لَمْ يُجَاوِزْهَا، ثمَّ انْصَرَفَ قَافِلًا إِلَى الْمَدِينَةِ، قَالَ: وَكَانَ فِي الطَّريق مَاءٌ يَخْرُجُ مِنْ وَشَلٍ يَرْوِي الرَّاكِبَ وَالرَّاكِبَيْنِ وَالثَّلَاثَةَ بِوَادٍ يُقَالُ لَهُ وَادِي الْمُشَقَّقِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم: " مَنْ سَبَقَنَا إِلَى ذَلِكَ الْمَاءِ فَلَا يَسْتَقِيَنَّ مِنْهُ شَيْئًا حتَّى نَأْتِيَهُ " قَالَ: فَسَبَقَهُ إِلَيْهِ نَفَرٌ مِنَ الْمُنَافِقِينَ فَاسْتَقَوْا مَا فِيهِ، فلمَّا أَتَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم وَقَفَ عَلَيْهِ فَلَمْ يَرَ فِيهِ

شَيْئًا فَقَالَ " مَنْ سَبَقَنَا إِلَى هَذَا الْمَاءِ؟ " فَقِيلَ لَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ فُلَانٌ وفلان (٣) ، فقال أو لم أَنْهَهُمْ أَنْ يَسْتَقُوا مِنْهُ حتَّى آتِيَهُ، ثمَّ لَعَنَهُمْ وَدَعَا عَلَيْهِمْ، ثمَّ نَزَلَ فَوَضَعَ يَدَهُ تَحْتَ الْوَشَلِ (٤) ، فَجَعَلَ يَصُبُّ فِي يَدِهِ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَصُبَّ، ثمَّ نَضَحَهُ بِهِ وَمَسَحَهُ بِيَدِهِ، وَدَعَا بِمَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَدْعُوَ، فَانْخَرَقَ مِنَ الْمَاءِ - كَمَا يَقُولُ مَنْ سَمِعَهُ - مَا إِنَّ لَهُ حِسًّا كَحِسِّ الصَّوَاعِقِ، فَشَرِبَ النَّاس وَاسْتَقَوْا حَاجَتَهُمْ مِنْهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم " لَئِنْ بَقِيتُمْ أَوْ مَنْ بَقِيَ مِنْكُمْ لَيَسْمَعَنَّ بِهَذَا الْوَادِي وَهُوَ أَخْصَبُ مَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَمَا خَلْفَهُ ".

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ ابْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ التَّيْمِيُّ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ كَانَ يحدِّث قَالَ: قُمْتُ مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ وَأَنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ، فَرَأَيْتُ شُعْلَةً مِنْ نَارٍ فِي نَاحِيَةِ الْعَسْكَرِ فَاتَّبَعْتُهَا أَنْظُرُ إِلَيْهَا، قَالَ: فَإِذَا رَسُولُ الله وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَإِذَا عَبْدُ اللَّهِ ذُو الْبِجَادَيْنِ قَدْ مَاتَ وَإِذَا هُمْ قَدْ حَفَرُوا له، ورسول الله فِي حُفْرَتِهِ، وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ يدلِّيانه إِلَيْهِ، وَإِذَا هُوَ يَقُولُ " أَدْنِيَا إِلَيَّ أَخَاكَمَا " فدلَّياه إِلَيْهِ، فلمَّا هيَّأه لِشِقِّهِ قَالَ " اللَّهم إنِّي قَدْ أَمْسَيْتُ رَاضِيًا عَنْهُ فَارْضَ عَنْهُ " قَالَ يَقُولُ ابْنُ مَسْعُودٍ: يَا لَيْتَنِي كُنْتُ صَاحِبَ الحفرة.

قال ابن هشام: إنما سمي ذو الْبِجَادَيْنِ، لأنَّه كَانَ يُرِيدُ الْإِسْلَامَ فَمَنَعَهُ قَوْمُهُ وضيَّقوا عَلَيْهِ حتَّى خَرَجَ مِنْ بَيْنِهِمْ وَلَيْسَ عليه إلا


(١) نقل الخبر البيهقي في الدلائل مطولا ج ٥ / ٢٥٢.
(٢) روى الحديث البيهقي في دلائل النبوة ج ٥ / ٢٥٣.
(٣) ذكرهم الواقدي قال: أربعة من المنافقين: معتب بن قشير، والحارث بن يزيد الطائي، ووديعة بن ثابت، وزيد بن اللصيت.
(٤) الوشل.
حجر أو جبل يقطر منه الماء قليلا قليلا.
والوشل أيضا: القليل من الماء (شرح أبي ذر) .
(*)

<<  <  ج: ص:  >  >>