للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإمام أحمد وأبو داود وابن ماجة من حديث عبد الله بن عبد الرحمن بن يعلى الطائفي، عن عثمان بن عبد الله بن أوس، عن جده أوس بن حذيفة قال: قدمنا على رسول الله في وفد ثقيف، قال فنزلت الاحلاف على المغيرة بن شعبة، وأنزل رسول الله بني مالك في قبة له كل ليلة يأتينا بعد العشاء يحدثنا قائما على رجليه حتى يراوح بين رجليه من طول القيام، فأكثر ما يحدثنا ما لقي من قومه من قريش، ثم يقول " لا آسى وكنا مستضعفين مستذلين بمكة، فلما خرجنا إلى المدينة كانت سجال الحرب بيننا وبينهم ندال عليهم ويدالون علينا " فلما كانت ليلة أبطأ عنا الوقت الذي كان يأتينا فيه فقلنا لقد أبطأت علينا الليلة؟ فقال: " إنه طرئ علي جزئي من القرآن فكرهت أن أجئ حتى أتمه " قال أوس سألت أصحاب رسول الله كيف يجزئون القرآن؟ فقالوا ثلاث، وخمس، وسبع، وتسع وإحدى عشر، وثلاث عشرة. وحزب المفصل وحده لفظ أبو داود. قال ابن إسحاق: فلما فرغوا من أمرهم، وتوجهوا إلى بلادهم راجعين، بعث رسول الله معهم أبا سفيان بن حرب والمغيرة بن شعبة في هدم الطاغية، فخرجا مع القوم، حتى إذا قدموا الطائف أراد المغيرة أن يقدم أبا سفيان فأبى ذلك عليه أبو سفيان وقال: ادخل أنت على قومك، وأقام أبو سفيان بماله بذي الهدم (١)، فلما دخل المغيرة علاها يضربها بالمعول، وقام قومه بني معتب دونه، خشية أن يرمي أو يصاب كما أصيب عروة بن مسعود، قال وخرج نساء ثقيف حسرا يبكين عليها ويقلن:

• لنبكين دفاع، أسلمها الرضاع، لم يحسنوا المصاع (٢) *

قال ابن إسحاق: ويقول أبو سفيان: والمغيرة يضربها بالفأس وآها لك آها لك، فلما هدمها المغيرة وأخذ مالها وحليها أرسل إلى أبي سفيان فقال: إن رسول الله قد أمرنا أن نقضي عن عروة بن مسعود وأخيه الأسود بن مسعود والد قارب بن الأسود دينهما من مال الطاغية يقضي ذلك عنهما.

قلت: كان الأسود قد مات مشركا ولكن أمر رسول الله بذلك تأليفا وإكراما لولده قارب بن الأسود . وذكر موسى بن عقبة أن وفد ثقيف كانوا بضعة عشر رجلا، فلما قدموا أنزلهم رسول الله المسجد ليسمعوا القرآن، فسألوه عن الربا والزنا والخمر فحرم عليهم ذلك كله فسألوه عن الربة ما هو صانع بها؟ قال " اهدموها " قالوا هيهات لو تعلم الربة أنك تريد أن تهدمها قتلت أهلها، فقال عمر بن الخطاب: ويحك يا بن عبد يا ليل ما أجهلك، إنما الربة حجر


(١) الهدم، وفي نسخ البداية المطبوعة الهرم تحريف، والهدم: ماء وراء وادي القرى. (مراصد الاطلاع ٢/ ١٤٥٤).
(٢) في ابن هشام: لتبكين. ودفاع: سموها بذلك لأنها - بزعمهم - تدفع عنهم الضرر. الرضاع: اللئيم المصاع: المضاربة بالسيوف.

<<  <  ج: ص:  >  >>