للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المنهزمين من الأعراب في (أسوء) ؟ حَالٍ وَذِلَّةٍ، ثُمَّ جَاءَ الْبَرِيدُ مِنَ الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ بِرَدِّهِمْ إِلَى الْعَسْكَرِ الَّذِي مَعَ نَائِبِ السَّلْطَنَةِ عَلَى تَدْمُرَ، مُتَوَعِّدِينَ بِأَنْوَاعِ الْعُقُوبَاتِ، وَقَطْعِ الْإِقْطَاعَاتِ.

وَفِي شَهْرِ رَمَضَانَ تَفَاقَمَ الْحَالُ بِسَبَبِ الطَّاعُونِ فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، وَجُمْهُورُهُ فِي الْيَهُودِ لَعَلَّهُ قَدْ فُقِدَ مِنْهُمْ مِنْ مُسْتَهَلِّ شَعْبَانَ إِلَى مُسْتَهَلِّ رَمَضَانَ نَحْوَ الْأَلْفِ نسمة خبيثة، كما أخبرني بِذَلِكَ الْقَاضِي صَلَاحُ الدِّينِ الصَّفَدِيُّ وَكِيلُ بَيْتِ الْمَالِ، ثُمَّ كَثُرَ ذَلِكَ فِيهِمْ فِي شَهْرِ رمضان جداً، وعدة العدة من المسلمين والذمة بالثمانين.

وَفِي يَوْمِ السَّبْتِ حَادِيَ عَشَرَهُ صَلَّيْنَا بَعْدَ الظُّهْرِ عَلَى الشَّيْخِ الْمُعَمَّرِ الصَّدْرِ بَدْرِ الدِّينِ محمد بن الرقاق المعروف بابن الجوجي، وَعَلَى الشَّيْخِ صَلَاحِ الدِّينِ مُحَمَّدِ بْنِ شَاكِرِ الليثي، تَفَرَّدَ فِي صِنَاعَتِهِ وَجَمَعَ تَارِيخًا مُفِيدًا نَحْوًا مِنْ عَشْرِ مُجَلَّدَاتٍ، وَكَانَ يَحْفَظُ وَيُذَاكِرُ وَيُفِيدُ رحمه الله وسامحه، انتهى.

وَفَاةُ الْخَطِيبِ جَمَالِ الدِّينِ مَحْمُودِ بْنِ جُمْلَةَ (١) (*) ومباشرة تاج الدين بَعْدَهُ كَانَتْ وَفَاتُهُ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ بَعْدَ الظُّهْرِ قَرِيبًا مِنَ الْعَصْرِ، فَصَلَّى بِالنَّاسِ بِالْمِحْرَابِ صَلَاةَ الْعَصْرِ قَاضِي الْقُضَاةِ تَاجُ الدِّينِ السُّبْكِيُّ الشَّافِعِيُّ عِوَضًا عَنْهُ، وَصَلَّى بِالنَّاسِ الصُّبْحَ أَيْضًا، وَقَرَأَ بِآخِرِ الْمَائِدَةِ مِنْ قَوْلِهِ (يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ) [المائدة: ١٠٩] ثُمَّ لَمَّا طَلَعَتِ الشَّمْسُ وَزَالَ وَقْتُ الْكَرَاهَةِ صُلِّيَ عَلَى الْخَطِيبِ جَمَالِ الدِّينِ عِنْدَ بَابِ الْخَطَابَةِ، وَكَانَ الْجَمْعُ فِي الْجَامِعِ كَثِيرًا، وَخُرِجَ بِجَنَازَتِهِ مِنْ بَابِ الْبَرِيدِ، وَخَرَجَ مَعَهُ طَائِفَةٌ مِنَ الْعَوَامِّ وَغَيْرِهِمْ، وَقَدْ حَضَرَ جَنَازَتَهُ بِالصَّالِحِيَّةِ عَلَى مَا ذُكِرَ جَمٌّ غَفِيرٌ وَخَلْقٌ كَثِيرٌ، وَنَالَ قَاضِيَ الْقُضَاةِ الشَّافِعِيَّ مِنْ بَعْضِ الْجَهَلَةِ إِسَاءَةُ أَدَبٍ، فَأُخِذَ مِنْهُمْ جَمَاعَةٌ وَأُدِّبُوا، وَحَضَرَ هُوَ بِنَفْسِهِ صَلَاةَ الظُّهْرِ يَوْمَئِذٍ، وَكَذَا بَاشَرَ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ فِي بَقِيَّةِ الْأَيَّامِ،

يَأْتِي لِلْجَامِعِ فِي مَحْفِلٍ مِنَ الْفُقَهَاءِ وَالْأَعْيَانِ وَغَيْرِهِمْ، ذَهَابًا وَإِيَابًا، وَخَطَبَ عَنْهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ الشَّيخ جمال الدِّين ابن قاضي القضاة، ومنع تَاجُ الدِّينِ مِنَ الْمُبَاشَرَةِ، حَتَّى يَأْتِيَ التَّشْرِيفُ: وَفِي يَوْمِ الِاثْنَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ صُلِّيَ عَلَى الشَّيخ شهاب الدِّين بن عبد الله (٢) البعلبكي، المعروف بان النقيب، ودفن بالصوفية وقد قارب السبعين وجاوزها، وَكَانَ بَارِعًا فِي الْقِرَاءَاتِ وَالنَّحْوِ وَالتَّصْرِيفِ وَالْعَرَبِيَّةِ، وَلَهُ يَدٌ فِي الْفِقْهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَوَلِيَ مَكَانَهُ مَشْيَخَةَ الْإِقْرَاءِ بِأُمِّ الصَّالِحِ شَمْسُ الدِّينِ مُحَمَّدُ بْنُ اللَّبَّانِ، وَبِالتُّرْبَةِ الْأَشْرَفِيَّةِ الشَّيْخُ أَمِينُ الدين عبد الوهاب بن السلار،


(١) وهو جمال الدِّين أبو الثناء محمود بن محمد بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ جُمْلَةَ بْنِ مُسْلِمِ بْنِ تمام بن حسين بن يوسف الدمشقي، كان مولده سنة ٧٠٧ هـ.
قال السبكي في طبقاته: قل إن رأيت نظيره (شذرات الذهب ٦ / ٢٠٣) .

<<  <  ج: ص:  >  >>