للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَدِمَ نَائِبُ السَّلْطَنَةِ مِنْ نَاحِيَةِ الرَّحْبَةِ وَتَدْمُرَ وَفِي صُحْبَتِهِ الْجَيْشُ الَّذِينَ كَانُوا مَعَهُ بِسَبَبِ محاربته إلى أولاد مُهَنَّا وَذَوِيهِمْ مِنَ الْأَعْرَابِ فِي يَوْمِ الْأَرْبِعَاءِ سَادِسِ شَوَّالٍ.

وَفِي لَيْلَةِ الْأَحَدِ عَاشِرِهِ تُوُفِّيَ الشَّيْخُ صَلَاحُ الدِّينِ خَلِيلُ بْنُ أَيْبَكَ (١) ، وَكَيْلُ بَيْتِ الْمَالِ، وَمُوَقِّعُ الدَّسْتِ، وَصُلِّيَ عَلَيْهِ صَبِيحَةَ الْأَحَدِ بِالْجَامِعِ، وَدُفِنَ بِالصُّوفِيَّةِ، وَقَدْ كَتَبَ الْكَثِيرَ مِنَ التَّارِيخِ وَاللُّغَةِ وَالْأَدَبِ، وَلَهُ الْأَشْعَارُ الْفَائِقَةُ، والفنون المتنوعة، وجمع وصنف وألّف، وَكَتَبَ مَا يُقَارِبُ مِئِينَ مِنَ الْمُجَلَّدَاتِ.

وَفِي يَوْمِ السَّبْتِ عَاشِرِهِ جُمِعَ الْقُضَاةُ وَالْأَعْيَانُ بِدَارِ السعادة وكتبوا خطوطهم بالرضى بِخَطَابَةِ قَاضِي الْقُضَاةِ تَاجِ الدِّينِ السُّبْكِيِّ بِالْجَامِعِ الْأُمَوِيِّ، وَكَاتَبَ نَائِبَ السَّلْطَنَةِ فِي ذَلِكَ.

وَفِي يَوْمِ الْأَحَدِ حَادِيَ عَشَرَهُ اسْتَقَرَّ عَزْلُ نَائِبِ السَّلْطَنَةِ سَيْفِ الدِّينِ قُشْتُمُرَ عَنْ نِيَابَةِ دِمَشْقَ وَأُمِرَ بِالْمَسِيرِ إِلَى نِيَابَةِ صَفَدَ (٢) فَأَنْزَلَ أَهْلَهُ بدار طيبغا حجي من الشرق الْأَعْلَى، وَبَرَزَ هُوَ إِلَى سَطْحِ الْمِزَّةِ ذَاهِبًا إِلَى نَاحِيَةِ صَفَدَ.

وَخَرَجَ الْمَحْمَلُ صُحْبَةَ الْحَجِيجِ وَهُمْ جَمٌّ غَفِيرٌ وَخَلْقٌ كَثِيرٌ يَوْمَ الْخَمِيسِ

رَابِعَ عَشَرَ شَوَّالٍ.

وَفِي يَوْمِ الْخَمِيسِ الْحَادِي وَالْعِشْرِينَ مِنْ شَوَّالٍ تُوُفِّيَ الْقَاضِي أَمِينُ الدِّينِ أبو حيان ابن أخي قاضي القضاة تاج الدين المسلاتي وَزَوْجُ ابْنَتِهِ وَنَائِبُهُ فِي الْحُكْمِ مُطْلَقًا وَفِي القضاء والتدريس في غيبته، فعاجلته الْمَنِيَّةُ.

وَمِنْ غَرِيبِ مَا وَقَعَ فِي أَوَاخِرِ هَذَا الشَّهْرِ أَنَّهُ اشْتَهَرَ بَيْنَ النِّسَاءِ وَكَثِيرٍ مِنَ الْعَوَامِّ أَنَّ رَجُلًا رَأَى مَنَامًا فِيهِ أَنَّهُ رَأَى النَّبيّ صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ شَجَرَةِ تُوتَةٍ عِنْدَ مَسْجِدِ ضِرَارٍ خَارِجَ بَابِ شَرْقِيِّ، فَتَبَادَرَ النِّسَاءُ إِلَى تَخْلِيقِ تِلْكَ التُّوتَةِ، وَأَخَذُوا أَوْرَاقَهَا لِلِاسْتِشْفَاءِ مِنَ الْوَبَاءِ، وَلَكِنْ لَمْ يَظْهَرْ صِدْقُ ذَلِكَ الْمَنَامِ، وَلَا يَصِحُّ عَمَّنْ يَرْوِيهِ.

وَفِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ سَابِعِ شَهْرِ ذِي الْقَعْدَةِ خَطَبَ بِجَامِعِ دِمَشْقَ قَاضِي الْقُضَاةِ تَاجُ الدِّينِ السُّبْكِيُّ خُطْبَةً بَلِيغَةً فَصِيحَةً أَدَّاهَا أداء حسناً وقد كان يحس مِنْ طَائِفَةٍ مِنَ الْعَوَامِّ أَنْ يُشَوِّشُوا فَلَمْ يَتَكَلَّمْ أَحَدٌ مِنْهُمْ بَلْ ضَجُّوا عِنْدَ الْمَوْعِظَةِ وَغَيْرِهَا، وَأَعْجَبَهُمُ الْخَطِيبُ وَخَطَبَتُهُ وَأَدَاؤُهُ وَتَبْلِيغُهُ وَمَهَابَتُهُ، وَاسْتَمَرَّ يَخْطُبُ هُوَ بِنَفْسِهِ.

وَفِي يَوْمِ الثُّلَاثَاءِ ثَامِنَ عَشَرَهُ تُوُفِّيَ الصَّاحِبُ تَقِيُّ الدِّينِ سُلَيْمَانُ بن مراجل ناظر الجامع


(١) المعروف بالصفدي، نسبة إلى صفد وبها مولده في سنة ست أو ٦٩٧ هـ.
قال في شذرات الذهب ٦ / ٢٠١ مات بدمشق في شوال سنة ٧٦٤ هـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>