للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كأضراس (١) وَقَدْ ظَهَرَ مُحَمَّدٌ عَلَى الْعَرَبِ وَالْعَجَمِ، فَلَوْ قَدِمْنَا عَلَى مُحَمَّدٍ وَاتَّبَعْنَاهُ فَإِنَّ شَرَفَ مُحَمَّدٍ لَنَا شَرَفٌ؟ فَأَبَى أَشَدَّ الْإِبَاءِ فَقَالَ: لَوْ لَمْ يَبْقَ غَيْرِي مَا اتَّبَعْتُهُ أَبَدًا.

فَافْتَرَقْنَا وَقُلْتُ: هَذَا رَجُلٌ قُتِلَ أَخُوهُ وَأَبُوهُ بِبَدْرٍ، فَلَقِيتُ عِكْرِمَةَ بْنَ أَبِي جَهْلٍ فَقُلْتُ لَهُ مِثْلَ مَا قُلْتُ لِصَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ، فَقَالَ لِي مِثْلَ مَا قَالَ صَفْوَانُ بْنُ أميَّة، قَلْتُ فَاكْتُمْ عليَّ قَالَ: لَا أَذْكُرُهُ.

فَخَرَجْتُ إِلَى مَنْزِلِي فَأَمَرْتُ بِرَاحِلَتِي فَخَرَجْتُ بِهَا إِلَى أَنْ لَقِيتُ عُثْمَانَ بْنَ طَلْحَةَ فَقُلْتُ: إِنَّ هَذَا لِي صَدِيقٌ فَلَوْ ذَكَرْتُ لَهُ مَا أَرْجُو، ثُمَّ ذَكَرْتُ مَنْ قُتِلَ مِنْ آبَائِهِ فَكَرِهْتُ أَنْ أُذَكِّرَهُ، ثُمَّ قُلْتُ: وَمَا عَلَيَّ وَأَنَا رَاحِلٌ مِنْ سَاعَتِي فَذَكَرْتُ لَهُ مَا صَارَ الْأَمْرُ إِلَيْهِ فَقُلْتُ إِنَّمَا نَحْنُ بِمَنْزِلَةِ ثَعْلَبٍ فِي جُحْرٍ، لَوْ صُبَّ فِيهِ ذَنُوبٌ مِنْ مَاءٍ لَخَرَجَ، وَقُلْتُ لَهُ نَحْوًا مِمَّا قلت لصاحبي: فأسرع الإجابة، وقال (٢) لقد غَدَوْتُ الْيَوْمَ وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أَغْدُوَ، وَهَذِهِ رَاحِلَتِي بِفَخٍّ (٣) مُنَاخَةٍ، قَالَ فَاتَّعَدْتُ أَنَا وَهُوَ يَأْجَجَ، إِنْ سَبَقَنِي أَقَامَ وَإِنْ سَبَقْتُهُ أَقَمْتُ عَلَيْهِ،

قَالَ: فَأَدْلَجْنَا سَحَرًا فَلَمْ يَطْلُعِ الْفَجْرُ حَتَّى الْتَقَيْنَا بِيَأْجَجَ، فَغَدَوْنَا حتَّى انْتَهَيْنَا إِلَى الهدة، فنجد عمرو بن العاص بها، قال: مَرْحَبًا بِالْقَوْمِ فَقُلْنَا: وَبِكَ، فَقَالَ إِلَى أَيْنَ مَسِيرُكُمْ؟ فَقُلْنَا: وَمَا أَخْرَجَكَ؟ فَقَالَ وَمَا أَخْرَجَكُمْ؟ قُلْنَا: الدُّخُولُ فِي الْإِسْلَامِ وَاتِّبَاعُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ وَذَاكَ الَّذِي أَقْدَمَنِي، فَاصْطَحَبْنَا جَمِيعًا حَتَّى دَخَلْنَا الْمَدِينَةَ فَأَنَخْنَا بِظَهْرِ الْحَرَّةِ رِكَابَنَا فَأُخْبِرَ بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسُرَّ بِنَا، فَلَبِسْتُ مِنْ صَالِحِ ثِيَابِي ثُمَّ عَمَدْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَقِيَنِي أَخِي: فَقَالَ: أَسْرِعْ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أُخْبِرَ بِكَ فَسُرَّ بِقُدُومِكَ وَهُوَ يَنْتَظِرُكُمْ، فَأَسْرَعْنَا الْمَشْيَ فَاطَّلَعْتُ عَلَيْهِ فَمَا زَالَ يَتَبَسَّمُ إِلَيَّ حَتَّى وَقَفْتُ عَلَيْهِ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ بِالنُّبُوَّةِ فَرَدَّ عَلَيَّ السَّلَامَ بِوَجْهٍ طَلْقٍ، فَقُلْتُ إِنِّي أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ، فَقَالَ " تَعَالَ " ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَاكَ قَدْ كُنْتُ أَرَى لَكَ عَقْلًا رَجَوْتُ أَنْ لَا يُسْلِمَكَ إِلَّا إِلَى خير " قلت يا رسول الله إني قَدْ رَأَيْتَ مَا كُنْتُ أَشْهَدُ مِنْ تِلْكَ المواطن عليك معانداً للحق فأدعو اللَّهَ أَنْ يَغْفِرَهَا لِي، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " الْإِسْلَامُ يَجُبُّ مَا كَانَ قَبْلَهُ " قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ عَلَى ذَلِكَ، قَالَ " اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِخَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ كُلَّ مَا أَوْضَعَ فِيهِ مِنْ صَدٍّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ " قَالَ خَالِدٌ: وَتَقَدَّمَ عُثْمَانُ وَعَمْرٌو فَبَايَعَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ وَكَانَ قدومنا في صفر سنة ثمان، قال: والله مَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْدِلُ بِي أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِهِ فِيمَا حَزَبَهُ.

سَرِيَّةُ شُجَاعِ بْنِ وَهْبٍ الْأَسَدِيِّ إِلَى هَوَازِنَ (٤) قَالَ الْوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي سَبْرَةَ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي فروة، عن عمر بن


(١) في الواقدي: إنما نحن أكلة رأس.
(٢) من الواقدي، وفي الاصل: وقلت له إني..وهو تحريف.
(٣) من الواقدي، وفي الاصل بفج وهو تحريف.
وفخ: واد بمكة.
(٤) في الواقدي: إلى هوازن: بالسي قال ابن سعد: السي ناحية ركبة من وراء المعدن، وهي من المدينة على خمس = (*)

<<  <  ج: ص:  >  >>