بعد أيام جاء الرجل الذي اشتراها فقال: يا سيدي إن الدابة التي اشتريتها منك لَا تَأْكُلُ عِنْدِي شَيْئًا، فَنَظَرَ إِلَيْهِ الشَّيْخُ فقال له: ماذا تعاني من الأسباب؟ فقال رقاص عند الوالي، فقال له: إِنَّ دَابَّتَنَا لَا تَأْكُلُ الْحَرَامَ، وَدَخَلَ مَنْزِلَهُ فأعطاه دراهم وَمَعَهَا دَرَاهِمُ كَثِيرَةٌ قَدِ اخْتَلَطَتْ بِهَا فَلَا تُمَيَّزُ، فَاشْتَرَى النَّاسُ مِنَ الرَّقَّاصِ كُلَّ دِرْهَمٍ بِثَلَاثَةٍ لِأَجْلِ الْبَرَكَةِ، وَأَخَذَ دَابَّتَهُ، وَلَمَّا تُوُفِّيَ ترك من الأساس ما يساوي خمسين درهماً فبيع بِمَبْلَغِ عِشْرِينَ أَلْفًا.
وَقَدْ كان أبو جمال الدين النجيبي وهو صفي الدين وزير الملك الْأَشْرَفِ، وَمَلَكَ مِنَ الذَّهَبِ سِتِّمِائَةِ أَلْفِ دِينَارٍ خَارِجًا عَنِ الْأَمْلَاكِ وَالْأَثَاثِ وَالْبَضَائِعِ، وَكَانَتْ وَفَاةُ أَبِيهِ بِمِصْرَ سَنَةَ تِسْعٍ وَخَمْسِينَ، وَدُفِنَ بِتُرْبَتِهِ عند المقطم.
قَالَ أَبُو شَامَةَ: وَجَاءَ الْخَبَرُ مِنْ مِصْرَ بوفاة الفخر عثمان المصري المعروف بعين غين.