للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ الْبُخَارِيُّ فِي كِتَابِ بَدْءِ الْخَلْقِ، وَرَوَى عن عيسى بن موسى غنجار عن رقية عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ قَالَ " سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَقُولُ قَامَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَقَامًا فَأَخْبَرَنَا عَنْ بَدْءِ الْخَلْقِ حَتَّى دَخَلَ أَهْلُ الْجَنَّةِ مَنَازِلَهُمْ.

وَأَهْلُ النَّارِ مَنَازِلَهُمْ " حَفِظَ ذَلِكَ مَنْ حَفِظَهُ وَنَسِيَهُ مَنْ نَسِيَهُ " قَالَ أَبُو مَسْعُودٍ الدِّمَشْقِيُّ فِي أَطْرَافِهِ هَكَذَا قَالَ الْبُخَارِيُّ، وَإِنَّمَا رَوَاهُ عِيسَى غُنْجَارُ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ عن رقية، وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي مُسْنَدِهِ: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ حَدَّثَنَا عَزْرَةُ بْنُ ثَابِتٍ، حَدَّثَنَا عِلْبَاءُ بْنُ أَحْمَرَ الْيَشْكُرِيُّ: حَدَّثَنَا أَبُو زيد الأنصاري، قال قَالَ: صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم " صَلَاةَ الصُّبْحِ، ثُمَّ صَعِدَ الْمِنْبَرَ، فَخَطَبَنَا حَتَّى حَضَرَتِ الظُّهْرُ، ثُمَّ نَزَلَ فَصَلَّى الظُّهْرَ.

ثُمَّ صَعِدَ الْمِنْبَرَ، فَخَطَبَنَا حَتَّى حَضَرَتِ الْعَصْرُ، ثُمَّ نَزَلَ فصلَّى الْعَصْرَ ثمَّ صَعِدَ الْمِنْبَرَ فَخَطَبَنَا حَتَّى غَابَتِ الشَّمس فَحَدَّثَنَا بِمَا كَانَ، وَمَا هُوَ كَائِنٌ فأعلَمُنا أَحَفَظُنَا " انْفَرَدَ بِإِخْرَاجِهِ مُسْلِمٌ فَرَوَاهُ فِي كِتَابِ الْفِتَنِ مِنْ صَحِيحِهِ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيِّ وَحَجَّاجِ بْنِ الشَّاعِرِ، جَمِيعًا عَنْ أَبِي عَاصِمٍ الضَّحَّاكِ بْنِ مَخْلَدٍ النَّبِيلِ عَنْ عَزْرَةَ عَنْ عِلْبَاءَ عَنْ أَبِي زَيْدٍ عَمْرِو بْنِ أَخْطَبَ بْنِ رِفَاعَةَ الْأَنْصَارِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَحْوِهِ.

فَصْلٌ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ الْعَزِيزِ (اللَّهُ خالق كل شئ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شئ وَكِيلٌ) [الزمر: ٦٢] فَكُلُّ مَا سِوَاهُ تَعَالَى فَهُوَ مخلوق له، مربوب ومدبر، مُكَوَّنٌ بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ

مُحْدَثٌ بَعْدَ عَدَمِهِ.

فَالْعَرْشُ الَّذِي هُوَ سَقْفُ الْمَخْلُوقَاتِ إِلَى مَا تَحْتَ الثَّرَى، وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ مِنْ جَامِدٍ وَنَاطِقٍ الْجَمِيعُ خَلْقُهُ، وَمِلْكُهُ وَعَبِيدُهُ وَتَحْتَ قهره وقدرته، وتحت تصريفه ومشيئته (خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ.

ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ.

يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ، وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا، وهو معكم أينما كُنْتُمْ، وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) [الحديد: ٤] .

وَقَدْ أجمع العلماء قَاطِبَةً لَا يَشُكُّ فِي ذَلِكَ مُسْلِمٌ أَنَّ الله خلق السموات وَالْأَرْضَ، وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ كَمَا دل عليه القرآن الكريم.

فاختلفوا فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ أَهِيَ كَأَيَّامِنَا هَذِهِ أَوْ كُلُّ يَوْمٍ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ كَمَا بيَّنا ذَلِكَ فِي التَّفْسِيرِ، وَسَنَتَعَرَّضُ لِإِيرَادِهِ فِي مَوْضِعِهِ.

وَاخْتَلَفُوا هَلْ كَانَ قَبْلَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ شئ مَخْلُوقٌ قَبْلَهُمَا.

فَذَهَبَ طَوَائِفُ مِنَ الْمُتَكَلِّمِينَ إِلَى أنه لم يكن قبلهما شئ وَأَنَّهُمَا خُلِقَتَا مِنَ الْعَدَمِ الْمَحْضِ.

وَقَالَ آخَرُونَ بل كان قبل السموات وَالْأَرْضِ مَخْلُوقَاتٌ أُخَرُ لِقَوْلِهِ [تَعَالَى] (وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الماء) [يونس: ٣] الْآيَةَ.

وَفِي حَدِيثِ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ كَمَا سيأتي " كان الله ولم يكن قبله شئ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ وَكَتَبَ فِي الذِّكْرِ كل شئ ثم خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ " وقال الإمام أحمد بن

<<  <  ج: ص:  >  >>