للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأموي، قتل أبوه يوم بدر كافرا، قتله علي بن أبي طالب، ونشأ سعيد في حجر عثمان بن عفان ، وكان عمر سعيد يوم مات رسول الله تسع سنين (١)، وكان من سادات المسلمين والأجواد المشهورين، وكان جده سعيد بن العاص - ويكنى بأبي أجنحة - (٢) رئيسا في قريش، يقال له ذو التاج، لأنه كان إذا اعتم لا يعتم أحد (٣) يومئذ إعظاما له، وكان سعيد هذا من عمال عمر على السواد، وجعله عثمان فيمن يكتب المصاحف لفصاحته، وكان أشبه الناس لحية برسول الله ، وكان في جملة الاثني عشر رجلا، الذين يستخرجون القرآن ويعلمونه ويكتبونه، منهم أبي بن كعب، وزيد بن ثابت. واستنابه عثمان على الكوفة بعد عزله الوليد بن عقبة، فافتتح طبرستان وجرجان، ونقض العهد أهل أذربيجان فغزاهم ففتحها، فلما مات عثمان اعتزل الفتنة فلم يشهد الجمل ولا صفين، فلما استقر الامر لمعاوية وفد إليه فعتب عليه فاعتذر إليه فعذره في كلام طويل جدا، وولاه المدينة مرتين، وعزله عنها مرتين بمروان بن الحكم، وكان سعيد هذا لا يسب عليا، ومروان يسبه، وروى عن النبي ، وعن عمر بن الخطاب، وعثمان، وعائشة، وعنه ابناه عمرو بن سعيد الأشدق وأبو سعيد وسالم بن عبد الله بن عمر، وعروة بن الزبير، وغيرهم، وليس له في المسند ولا في الكتب الستة شئ. وقد كان حسن السيرة، جيد السريرة، وكان كثيرا ما يجمع أصحابه في كل جمعة فيطعمهم ويكسوهم الحلل، ويرسل إلى بيوتهم بالهدايا والتحف والبر الكثير، وكان يصر الصرر فيضعها بين يدي المصلين من ذوي الحاجات في المسجد. قال ابن عساكر: وقد كانت له دار بدمشق تعرف بعده بدار نعيم، وحمام نعيم، بنواحي الديماس، ثم رجع إلى المدينة فأقام بها إلى أن مات، وكان كريما جوادا ممدحا. ثم أورد شيئا من حديثه من طريق يعقوب بن سفيان: حدثنا أبو سعيد الجعفي ثنا عبد الله بن الأجلح ثنا هشام بن عروة عن أبيه أن سعيد بن العاص قال: إن رسول الله قال: " خياركم في الاسلام خياركم في الجاهلية " وفي طريق الزبير بن بكار: حدثني رجل عن عبد العزيز بن أبان حدثني خالد بن سعيد عن أبيه عن ابن عمر قال: جاءت امرأة إلى رسول الله ببرد. فقالت: إني نذرت أن أعطي هذا الثوب أكرم العرب، فقال: " اعطه هذا الغلام " - يعني سعيد بن العاص - وهو واقف، فلذلك سميت الثياب السعيدية وأنشد الفرزدق قوله فيه:

ترى الغر الجحاجح من قريش … إذا ما الخطب (٤) في الحدثان عالا


(١) قال ابن عبد البر في الاستيعاب: ولد عام الهجرة وقيل سنة إحدى (هامش الإصابة ٢/ ٩ وأسد الغابة ٢/ ٣١٠).
(٢) في الإصابة: أبي أحيحة (وانظر أسد الغابة ٢/ ٣٠٩).
(٣) في أسد الغابة: لا يعتم أحد بلون عمامته …
(٤) في الاستيعاب: الامر.

<<  <  ج: ص:  >  >>