للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَعَهُ وَالْآخَرُ بِالْأُخْرَى وَهَلُمَّ جَرًّا وَلَمْ يَكُنْ تحل أخت لأخيها الذي ولدت معه.

قصة قَابِيلَ وَهَابِيلَ

(١) قَالَ اللَّهُ تَعَالَى (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَاناً فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ * لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ * إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ * فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ * فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَاباً يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ ليريه يُوَارِي سَوْأَةَ أَخِيهِ قال يا ويلتي أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سوأة أخي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ) (٢) * قَدْ تكلَّمنا عَلَى هَذِهِ الْقِصَّةِ فِي سُورَةِ الْمَائِدَةِ فِي التَّفْسِيرِ بِمَا فِيهِ كِفَايَةٌ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.

وَلْنَذْكُرْ هُنَا مُلَخَّصَ مَا ذَكَرَهُ أَئِمَّةُ السَّلَفِ فِي ذَلِكَ * فَذَكَرَ السُّدِّيُّ عَنْ أَبِي مَالِكٍ وَأَبِي صَالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَعَنْ مُرَّةَ عَنِ ابن مسعود وعن ناس من الصَّحَابَةِ أَنَّ آدَمَ كَانَ يُزَوِّجُ ذَكَرَ كُلِّ بَطْنٍ بِأُنْثَى الْأُخْرَى وَأَنَّ هَابِيلَ أَرَادَ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِأُخْتِ قَابِيلَ وَكَانَ أَكْبَرَ مِنْ هَابِيلَ وأخت هابيل أحسن (٣) فأراد هابيل أَنْ يَسْتَأْثِرَ بِهَا عَلَى أَخِيهِ وَأَمَرَهُ آدَمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنْ يُزَوِّجَهُ إِيَّاهَا فَأَبَى فَأَمَرَهُمَا أَنْ

يُقَرِّبَا قُرْبَانًا وَذَهَبَ آدَمُ لِيَحُجَّ إِلَى مكة واستحفظ السموات عَلَى بَنِيهِ فَأَبَيْنَ وَالْأَرَضِينَ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ فَتَقَبَّلَ قَابِيلُ بِحِفْظِ ذَلِكَ.

فَلَمَّا ذَهَبَ قَرَّبَا قُرْبَانَهُمَا فَقَرَّبَ هَابِيلُ جَذَعَةً سَمِينَةً وَكَانَ صَاحِبَ غَنَمٍ وقرب قابيل حزمة من زرع من ردى زَرْعِهِ فَنَزَلَتْ نَارٌ فَأَكَلَتْ قُرْبَانَ هَابِيلَ وَتَرَكَتْ قُرْبَانَ قَابِيلَ فَغَضِبَ وَقَالَ (لِأَقْتُلَنَّكَ) حَتَّى لَا تَنْكِحَ أُخْتِي فَقَالَ (إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ) * وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِنْ وُجُوهٍ أُخَرَ وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو وَايْمُ اللَّهِ إِنْ كَانَ الْمَقْتُولُ لَأَشَدَّ الرَّجُلَيْنِ وَلَكِنْ مَنْعَهُ التَّحَرُّجُ أَنْ يَبْسُطَ إِلَيْهِ يَدَهُ.

وَذَكَرَ أَبُو جَعْفَرٍ الْبَاقِرُ أَنَّ آدَمَ كَانَ مُبَاشِرًا لِتَقَرُّبِهِمَا الْقُرْبَانَ وَالتَّقَبُّلُ مِنْ هَابِيلَ دُونَ قَابِيلَ فَقَالَ قَابِيلُ لِآدَمَ إِنَّمَا تَقُبِّلَ مِنْهُ لِأَنَّكَ دَعَوْتَ لَهُ وَلَمْ تَدْعُ لِي وَتَوَعَّدَ أَخَاهُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ.

فَلَمَّا كَانَ ذَاتَ لَيْلَةٍ أَبْطَأَ هَابِيلُ فِي الرَّعْيِ فَبَعَثَ آدَمُ أَخَاهُ قَابِيلَ لِيَنْظُرَ مَا أَبْطَأَ بِهِ فَلَمَّا ذَهَبَ إِذَا هُوَ به فقال له تقبل منك


(١) اختلف في ابني آدم: قال الحسن البصري ليسا لصلبه ; كانا رجلين من بني إسرائيل ; ورد عليه ابن عطية قال: هذا وهم.
التفسير الكبير للفخر الرازي ١١ / ٢٠٤.
قال القرطبي: والصحيح انهما ابناه لصلبه، هذا قول الجمهور من المفسرين وقاله ابن عبَّاس وابن عمر ٦ / ١٣٢.
لان القاتل جهل ما يصنع بالمقتول حتى تعلم ذلك من عمل الغراب، ولو كان من بني إسرائيل لما خفي عليه هذا الامر.
(٢) سورة المائدة الآيات ٢٧ - ٣١.
(٣) ذكر القرطبي: اسم أخت قابيل اقليمياء وأخت هابيل اسمها ليوذا.
[*]

<<  <  ج: ص:  >  >>