للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبا هابيل قد قتلا جميعا … وصار الحي كالميت الذبيح

وجاء بشرة قد كان منها … على خوف فجابها يصيح

وهذا الشعر فيه نظر وقد يكون آدم قال كلاما يتحزن به بلغته فألفه بعضهم إلى هذا وفيه أقوال والله أعلم (١) … وقد ذكر مجاهد أن قابيل عوجل بالعقوبة يوم قتل أخاه فعلقت ساقه إلى فخذه وجعل وجهه إلى الشمس كيفما دارت تنكيلا به وتعجيلا لذنبه وبغيه وحسده لأخيه لأبويه (٢) … وقد جاء في الحديث عن رسول الله أنه قال: " ما من ذنب أجدر أن يعجل الله عقوبته في الدنيا مع ما يدخر لصاحبه في الآخرة من البغي وقطيعة الرحم ".

والذي رأيته في الكتاب الذي بأيدي أهل الكتاب الذين يزعمون أنه التوراة أن الله ﷿ أجله وأنظره وأنه سكن في أرض نود في شرقي عدن وهم يسمونه قنين وأنه ولد له خنوخ ولخنوخ عندر ولعندر محوايل ولمحوايل متوشيل ولمواشيل لامك وتزوج هذا امرأتين عدا وصلا فولدت عدا ولدا اسمه إبل وهو أول من سكن القباب واقتنى المال وولدت أيضا نوبل وهو أول من أخذ في ضرب الونج والصنج وولدت صلا ولدا اسمه توبلقين وهو أول من صنع النحاس والحديد وبنتا اسمها نعمى وفيها أيضا أن آدم طاف على امرأته فولدت غلاما ودعت اسمه شيث (٣) وقالت من أجل انه قد وهب لي خلفا من هابيل الذي قتله قابيل وولد لشيث أنوش قالوا وكان عمر أدم يوم ولد له شيث مائة وثلاثين سنة وعاش بعد ذلك ثمانمائة سنة وكان عمر شيث يوم ولد له أنوش مائة وخمسا وستين وعاش بعد ذلك ثمانمائة سنة وسبع سنين. وولد له بنون وبنات غير أنوش فولد


(١) في قول آدم شعرا أكثر من قول: قال القشيري وغيره: قال ابن عباس: ما قال آدم الشعر، وإن محمدا والأنبياء كلهم في النهي عن الشعراء سواء. لكن لما قتل هابيل رثاه آدم وهو سرياني، فهي مرثية بلسان السريانية أوصى بها إلى ابنه شيث. فحفظت منه إلى زمن يعرب فترجمه وجهله شعرا يعرب بن قحطان.
وقال الآلوسي: ذكر بعض علماء العربية أن في ذلك الشعر لحنا أو أقواء أو ارتكاب ضرورة والأولى عدم نسبته إلى يعرب أيضا لما فيه من الركاكة الظاهرة. وقال صاحب الكشاف: ويروى أنه (آدم) رثاه بشعر. قال وهو كذب بحت، وما الشعر إلا منحول ملحون، والأنبياء معصومون عن الشعر; فإن ذلك الشعر في غاية الركاكة لا يليق بالحمقى من المعلمين فكيف ينسب إلى من جعل الله علمه حجة على الملائكة.
(٢) جاء في القرطبي ٦/ ١٤٢: إن قابيل كان على ذروة جبل فنطحه ثور فوقع إلى السفح وقد تفرقت عروقه. وقيل دعا عليه آدم فانخسفت به الأرض.
وقيل: أنه هرب إلى عدن من أرض اليمن; واستوحش ولزم البرية وذكر المسعودي في المروج ١/ ٣٤: وفي زمن انوش قتل قاين (قابيل) قاتل أخيه هابيل. (انظر تفسير الفخر الرازي ج ١١/ ٢٠٨ - وانظر قصة هابيل وقابيل في التوراة وهي لا تخالف ما جاء في القرآن تقريبا).
(٣) في القرطبي ٦/ ١٣٩ بعد قتل هابيل بخمس سنين. وتفسيره هبة الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>