للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتهلكته، من قليل المراقبة لله. فغضب الحجاج غضبا شديدا ثم قال: أيها الشيخ! أتعرف الحجاج إذا رأيته؟ قال: نعم! فلا عرفه الله خيرا ولا وقاه ضرا. فكشف الحجاج عن لثامه وقال: ستعلم أيها الشيخ الآن إذا سال دمك الساعة. فلما تحقق الشيخ الجد قال: والله إن هذا لهو العجب يا حجاج، لو كنت تعرفني ما قلت هذه المقالة، أنا العباس بن أبي داود، أصرع كل يوم خمس مرات، فقال الحجاج: انطلق فلا شفى الله الأبعد من جنونه ولا عافاه.

وقال الإمام أحمد: حدثنا عبد الصمد، ثنا حماد بن سلمة، عن ابن أبي رافع، عن عبد الله بن جعفر (١)، قال خالد بن يزيد بن معاوية لعبد الملك: أتمكنه من ذلك؟ فقال: وما بأس من ذلك. قال: أشد الناس والله، قال: كيف؟ قال: والله يا أمير المؤمنين لقد ذهب ما في صدري على آل الزبير منذ تزوجت (٢) رملة بنت الزبير، قال: وكأنه كان نائما فأيقظه، فكتب إلى الحجاج يعزم عليه بطلاقها فطلقها. وقال سعيد بن أبي عروبة: حج الحجاج مرة فمر بين مكة والمدينة فأتي بغدائه فقال لحاجبه: انظر ما يأكل معي، فذهب فإذا أعرابي نائم فضربه برجله وقال: أجب الأمير، فقام فلما دخل على الحجاج قال له: اغسل يديك ثم تغد معي، فقال: إنه


(١) كذا بالأصل، وفي الحديث تشويش نتج عن سقط فقرة من الحديث أخلق بالمعنى. وتمامه من مسند أحمد ج ١/ ٢٠٦: أنه زوج ابنته من الحجاج بن يوسف فقال لها: إذا دخل بك فقولي: لا إله إلا الله الحليم الكريم سبحان الله رب العرش العظيم، الحمد لله رب العالمين - وزعم أن رسول الله كان إذا حزبه أمر قال هذا - قال حماد: فظننت أنه قال: فلم يصل إليها.
(٢) كذا بالأصول والظاهر أن في مواضع من هذا الخبر تحريفا. ولعل ما ورد في الكامل للمبرد ١/ ٢٠٥ يلقي ضوءا على اختلال المعنى وتشويش قال أبو العباس: وذكر العتبي أن الحجاج بن يوسف بن الحكم الثقفي لما أكره عبد الله بن جعفر على أن زوجه ابنته استأجله في نقلها سنة. ففكر عبد الله بن جعفر في الانفكاك منه، فألقي في روعه خالد بن يزيد فكتب إليه يعلمه ذلك، وكان الحجاج تزوجها بإذن عبد الملك فورد على خالد كتابه ليلا، فاستأذن من ساعته على عبد الملك، فقيل له: أفي هذا الوقت؟ فقال: أنه أمر لا يؤخر. فأعلم عبد الملك بذلك فأذن له، فلما دخل عليه قال له عبد الملك: فيم السرى يا أبا هاشم؟ قال: أمر جليل لم آمن أن أؤخره فتحدث علي حادثة فلا أكون قضيت حق بيعتك. قال: وما هو؟ قال: أتعلم أنه ما كان بين حيين من العداوة والبغضاء ما كان بين آل الزبير وآل أبي سفيان. قال: لا. قال: فإن تزويجي إلى آل الزبير حلل ما كان لهم في قلبي، فما أهل بيت أحب إلي منهم. قال: فإن ذلك ليكون. قال: فكيف أذنت للحجاج أن يتزوج في بني هاشم، وأنت تعلم ما يقولون ويقال فيهم، والحجاج من سلطانك بحيث علمت. قال: فجزاه خيرا وكتب إلى الحجاج بعزمة أن يطلقها، فطلقها فغدا الناس عليه يعزونه عنها. فكان فيمن أتاه عمرو بن عتبة بن أبي سفيان فأوقع الحجاج بخالد فقال: كان الامر لآبائه فعجز عنه حتى انتزع منه فقال له عمرو بن عتبة: لا تقل ذا أيها الأمير فإن لخالد قديما سبق إليه وحديثا لم يغلب عليه، ولو طلب الامر لطلبه بحذر جد ولكنه علم علما فسلم العلم إلى أهله. فقال الحجاج: يا آل أبي سفيان أنتم تحبون أن تحلموا ولا يكون الحلم إلا عن غضب فنحن نغضبكم في العاجل ابتغاء مرضاتكم في الآجل. ثم قال الحجاج: والله لأتزوجن من هو أمس به رحما ثم لا يمكنه فيه شئ. فتزوج أم الجلاس بنت عبد الله بن خالد بن أسيد.

<<  <  ج: ص:  >  >>