للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَبَيْضَاءَ - يَعْنِي الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ - يُجْمَعُ كُلُّهُ مِنْ هَذِهِ الْغَنِيمَةِ لِبَيْتِ الْمَالِ.

فَكَتَبَ الْحَكَمُ بْنُ عمرو:

إِنَّ كِتَابَ اللَّهِ مُقَدَّمٌ عَلَى كِتَابِ أَمِيرِ المؤمنين، وإنه والله لو كانت السموات والأرض على عدو فاتقى اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا، ثُمَّ نَادَى فِي النَّاس: أَنِ اغْدُوا عَلَى قَسْمِ غَنِيمَتِكُمْ، فَقَسَّمَهَا بَيْنَهُمْ وَخَالَفَ زياداً فيما كتب إليه عن معاوية: وعز الخمس كما أمر الله ورسوله، ثم قال الحكم: إِنْ كَانَ لِي عِنْدَكَ خَيْرٌ فَاقْبِضْنِي إِلَيْكَ، فَمَاتَ بِمَرْوَ مِنْ خُرَاسَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ (١) .

قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: وَحَجَّ بِالنَّاسِ فِي هَذِهِ السَّنَةِ مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ وَكَانَ نَائِبَ الْمَدِينَةَ.

وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ تُوُفِّيَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ الْأَنْصَارِيُّ أَحَدُ كتَّاب الْوَحْيِ، وَقَدْ ذَكَرْنَا تَرْجَمَتَهُ فِيهِمْ فِي أَوَاخِرِ السِّيرَةِ، وَهُوَ الَّذِي كَتَبَ هَذَا الْمُصْحَفَ الْإِمَامَ الَّذِي بِالشَّامِ عَنْ أَمْرِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، وَهُوَ خَطٌّ جَيِّدٌ قَوِّيٌّ جِدًّا فِيمَا رَأَيْتُهُ، وَقَدْ كَانَ زَيْدُ بْنُ ثابت من أشد الناس ذكاءا تَعَلَّمَ لِسَانَ يَهُودَ وَكِتَابَهُمْ فِي خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا، قَالَ أَبُو الْحَسَنِ بْنُ الْبَرَاءِ: تَعَلَّمَ الْفَارِسِيَّةَ مِنْ رَسُولِ كِسْرَى فِي ثَمَانِيَةَ عَشَرَ يَوْمًا، وَتَعَلَّمَ الْحَبَشِيَّةَ وَالرُّومِيَّةَ وَالْقِبْطِيَّةَ مِنْ خُدَّامِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ الْوَاقِدِيُّ: وَأَوَّلُ مَشَاهِدِهِ الْخَنْدَقُ وَهُوَ ابْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً.

وَفِي الْحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ: " وَأَعْلَمَهُمْ بِالْفَرَائِضِ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ ".

وَقَدِ استعمله عمر بن الخطاب عَلَى الْقَضَاءِ، وَقَالَ مَسْرُوقٌ: كَانَ زَيْدُ بْنُ ثابت من الراسخين، وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ أَخَذَ لِزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ بِالرِّكَابِ فَقَالَ لَهُ: تنح يا بن عم رسول الله، فَقَالَ: لَا! هَكَذَا نَفْعَلُ بِعُلَمَائِنَا وَكُبَرَائِنَا.

وَقَالَ الأعمش عن ثابت عن عُبَيْدٍ قَالَ: كَانَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ مِنْ أفكه النَّاس في بيته ومن أذمها إِذَا خَرَجَ إِلَى الرِّجَالِ.

وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ: خَرَجَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ إِلَى الصَّلَاةِ فَوَجَدَ النَّاسَ رَاجِعِينَ مِنْهَا فَتَوَارَى عَنْهُمْ، وَقَالَ: من لَا يَسْتَحْيِي مِنَ النَّاس لَا يَسْتَحْيِي مِنَ اللَّهِ.

مَاتَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ وَقِيلَ فِي سَنَةِ خَمَسٍ وَخَمْسِينَ، وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ، وَقَدْ قارب الستين وصلَّى عليه مروان، وقال ابن عبَّاس: لقد مات اليوم عالم كبير.

وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: مَاتَ حَبْرُ هَذِهِ الْأُمَّةِ.

وَفِيهَا مَاتَ سَلَمَةُ بْنُ سَلَامَةَ بْنِ وَقْشٍ عن سبعين، وَقَدْ شَهِدَ بَدْرًا وَمَا بَعْدَهَا وَلَا عَقِبَ لَهُ.

وَعَاصِمُ بْنُ عَدِيٍّ، وَقَدِ اسْتَخْلَفَهُ رَسُولُ الله حين خرج إلى بدر على قبا وَأَهْلِ الْعَالِيَةِ، وَشَهِدَ أُحُدًا وَمَا بَعْدَهَا، وَتُوُفِّيَ عن خمس وعشرين ومائة (٢) ، وقد بعثه رسول الله هُوَ وَمَالِكُ بْنُ الدُّخْشُمِ إِلَى

مَسْجِدِ الضِّرَارِ فَحَرَّقَاهُ.

وَفِيهَا تُوُفِّيَتْ حَفْصَةُ بِنْتُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ، وَكَانَتْ قَبْلَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَحْتَ خُنَيْسِ بْنِ حُذَافَةَ السَّهْمِيِّ، وَهَاجَرَتْ مَعَهُ إِلَى الْمَدِينَةِ فَتُوُفِّيَ عنها بعد بدر، فلما انقضت عدتها


(١) انظر الخبر في صفوة الصفوة ١ / ٢٧٩ وفتوح ابن الاعثم ٤ / ٢٠٠ - ٢٠١.
(٢) في الكامل ٣ / ٤٥٢: مائة وعشرين سنة وفي الاصابة ٢ / ٢٤٦: مائة وخمس عشرة وقيل مائة وعشرين سنة.
(*)

<<  <  ج: ص:  >  >>