الدولة بن بويه في رمضان فَعَسَفَ أَهْلَهَا وَأَخَذَ أَمْوَالَهُمْ، وَكَثُرَ الدُّعَاءُ عَلَيْهِ.
ثمَّ عَزَمَ عَلَى أَخْذِ الْبِلَادِ كُلِّهَا مِنْ ناصر الدولة بن حمدان، فجاء خَبَرٌ مِنْ أَخِيهِ رُكْنِ الدَّوْلَةِ يَسْتَنْجِدُهُ عَلَى مِنْ قَبْلِهِ مِنَ الْخُرَاسَانِيَّةِ، فَاحْتَاجَ إِلَى مُصَالَحَةِ ناصر الدولة على أن يحمل ما تَحْتَ يَدِهِ مِنْ بِلَادِ الْجَزِيرَةِ وَالشَّامِ فِي كُلِّ
سَنَةٍ ثَمَانِيَةُ آلَافِ أَلْفِ دِرْهَمٍ، وَأَنْ يُخْطَبَ لَهُ وَلِأَخَوَيْهِ عِمَادِ الدَّوْلَةِ وَرُكْنِ الدَّوْلَةِ عَلَى مَنَابِرَ بِلَادِهِ كُلِّهَا فَفَعَلَ.
وَعَادَ مُعِزُّ الدَّوْلَةِ إِلَى بَغْدَادَ وَبَعَثَ إِلَى أَخِيهِ بِجَيْشٍ هَائِلٍ، وَأَخَذَ لَهُ عَهْدَ الْخَلِيفَةِ بِوِلَايَةِ خُرَاسَانَ.
وَفِيهَا دَخَلَ سَيْفُ الدَّوْلَةِ بْنُ حَمْدَانَ صَاحِبُ حَلَبَ إِلَى بِلَادِ الرُّومِ، فَلَقِيَهُ جَمْعٌ كَثِيفٌ مِنَ الرُّومِ فَاقْتَتَلُوا قِتَالًا شَدِيدًا فَانْهَزَمَ سَيْفُ الدولة وأخذت الروم ما كان معهم، وَأَوْقَعُوا بِأَهْلِ طَرَسُوسَ بَأْسًا شَدِيدًا، فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ.
قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: وَفِي رمضان انتهت زيادة دجلة أحد وعشرين ذراعاً وثلثاً.
وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ: عَبْدُ اللَّهِ بن محمد بن حمدويه ابن نُعَيْمِ بْنِ الْحَكَمِ أَبُو مُحَمَّدٍ الْبَيِّعُ، وَهُوَ وَالِدُ الْحَاكِمِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ النَّيْسَابُورِيِّ، أَذَّنَ ثلاثاً وستين سَنَةً وَغَزَا اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِينَ غَزْوَةً، وَأَنْفَقَ عَلَى العلماء مائة ألف، وكان يقوم الليل كثيراً، وكان كَثِيرَ الصَّدَقَةِ، أَدْرَكَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَحْمَدَ بن حنبل وَمُسْلِمَ بْنَ الْحَجَّاجِ، وَرَوَى عَنِ ابْنِ خُزَيْمَةَ وَغَيْرِهِ، وَتُوُفِّيَ عَنْ ثَلَاثٍ وَتِسْعِينَ سَنَةً.
قُدَامَةُ الْكَاتِبُ الْمَشْهُورُ هُوَ قُدَامَةُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ قُدَامَةَ أَبُو الْفَرَجِ الْكَاتِبُ، لَهُ مُصَنَّفٌ فِي الْخَرَاجِ وَصِنَاعَةِ الْكِتَابَةِ، وَبِهِ يَقْتَدِي عُلَمَاءُ هَذَا الشَّأْنِ، وَقَدْ سَأَلَ ثَعْلَبًا عَنْ أَشْيَاءَ.
مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عُمَرَ أَبُو عَلِيٍّ الْمُذَكِّرُ الْوَاعِظُ بِنَيْسَابُورَ، كَانَ كَثِيرَ التَّدْلِيسِ عَنِ الْمَشَايِخِ الذين لم بلقهم.
تُوُفِّيَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ عَنْ مِائَةٍ وَسَبْعِ سِنِينَ سَامَحَهُ اللَّهُ.
مُحَمَّدُ بْنُ مُطَهِّرِ بْنِ عبد الله أبو المنجا الفقيه الفرضي الْمَالِكِيُّ، لَهُ كِتَابٌ فِي الْفِقْهِ عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ، وَلَهُ مُصَنَّفَاتٌ فِي الْفَرَائِضِ قَلِيلَةُ النَّظِيرِ، وكان أديباً إماماً فَاضِلًا صَادِقًا، رَحِمَهُ اللَّهُ.