للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال: هذا فراق بيني وبينك (١). وقال أبو الطفيل: صنع لعبد الملك مجلس توسع فيه، وقد كان بنى له فيه قبة قبل ذلك، فدخله وقال: لقد كان حثمة الأحوازي - يعني عمر بن الخطاب - يرى أن هذا عليه حرام، وقيل إنه لما وضع المصحف من حجره قال: هذا آخر العهد منك. وكان عبد الملك له إقدام على سفك الدماء، وكان حازما فهما فطنا سائسا لأمور الدنيا، لا يكل أمر دنياه إلى غيره وأمه عائشة بنت معاوية بن المغيرة بن أبي العاص، وأبوها معاوية هو الذي جدع أنف حمزة عم النبي يوم أحد، وقال سعيد بن عبد العزيز: لما خرج عبد الملك إلى العراق لقتال مصعب بن الزبير خرج معه يزيد بن الأسود الجرشي، فلما التقوا قال: اللهم احجز بين هذين الجبلين وول الامر أحبهما إليك. فظفر عبد الملك - وقد كان مصعب من أعز الناس على عبد الملك - وقد ذكرنا كيفية قتله مصعبا. وقال سعيد بن عبد العزيز: لما بويع لعبد الملك بالخلافة كتب إليه عبد الله بن عمر بن الخطاب: بسم الله الرحمن الرحيم، من عبد الله بن عمر إلى عبد الملك أمير المؤمنين! سلام عليك فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو، أما بعد فإنك راع وكل راع مسؤول عن رعيته (الله لا إله إلا هو ليجمعنكم إلى يوم القيامة لا ريب فيه ومن أصدق من الله حديثا) [النساء: ٨٦] لا أحد والسلام (٢). وبعث به مع سلام فوجدوا عليه إذ قدم اسمه على اسم أمير المؤمنين، ثم نظروا في كتبه إلى معاوية فوجدوها كذلك، فاحتملوا ذلك منه.

وقال الواقدي: حدثني ابن أبي ميسرة عن أبي موسى الخياط عن أبي كعب قال: سمعت عبد الملك بن مروان يقول: يا أهل المدينة أنا أحق الناس أن يلزم الأمر الأول، وقد سالت علينا أحاديث من قبل هذا المشرق ولا نعرفها ولا نعرف منها إلا قراءة القرآن، فالزموا ما في مصحفكم الذي حملكم عليه الامام المظلوم، وعليكم بالفرائض التي جمعكم عليها إمامكم المظلوم ، فإنه قد استشار في ذلك زيد بن ثابت ونعم المشير كان للاسلام ، فأحكما ما أحكما، واستقصيا ما شذ عنهما. وقال ابن جريج عن أبيه: حج علينا عبد الملك سنة خمس وسبعين بعد مقتل ابن الزبير بعامين (٣)، فخطبنا فقال: أما بعد فإنه كان من قبلي من الخلفاء يأكلون من المال ويوكلون، وإني والله لا أداوي أدواء هذه الأمة إلا بالسيف (٤)، ولست بالخليفة المستضعف - يعني


(١) تاريخ بغداد ١٠/ ٣٨٨.
(٢) في العقد الفريد نسخة كتاب عبد الله بن عمر إلى عبد الملك ٢/ ٢٦٢ وفيه: لعبد الملك بن مروان من عبد الله بن عمر سلام عليك فإني أقررت لك بالسمع والطاعة على سنة الله وسنة رسوله وبيعة نافع مولاي على مثل ما بايعتك عليه.
(٣) في فوات الوفيات ٢/ ٤٠٣: ولما قتل عمرو بن سعيد بن العاص خطب الناس فقال: (انظر العقد الفريد ٢/ ٢٦٣).
(٤) زيد في فوات الوفيات: حتى تستقيم لي قناتكم، تكلفوننا أعمال المهاجرين الأولين ولا تعملون من أعمالهم، فلن تزدادوا إلا اجتراحا ولن تزدادوا إلا عقوبة وهذا حكم السيف بيننا وبينكم.

<<  <  ج: ص:  >  >>