للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " لَمَّا أُصِيبَ إِخْوَانُكُمْ يَوْمَ أُحُدٍ جَعَلَ اللَّهُ أَرْوَاحَهُمْ فِي أَجْوَافِ طَيْرٍ خُضْرٍ تَرِدُ أَنْهَارَ الْجَنَّةِ، وَتَأْكُلُ مِنْ ثِمَارِهَا، وَتَأْوِي إِلَى قَنَادِيلَ مِنْ ذَهَبٍ مُعَلَّقَةٍ فِي ظِلِّ الْعَرْشِ، فَلَمَّا وَجَدُوا طِيبَ مأكلهم ومشربهم ومقيلهم، قالوا: من يبلغ إخوانا عَنَّا أَنَا أَحْيَاءٌ فِي الْجَنَّةِ نُرْزَقُ لِئَلَّا يَنْكُلُوا عَنِ الْحَرْبِ وَلَا يَزْهَدُوا فِي الْجِهَادِ.

فقال الله عزوجل: أَنَا أُبَلِّغُهُمْ عَنْكُمْ فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِي الْكِتَابِ قَوْلَهُ تَعَالَى (وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يرزقون) (١) .

وَرَوَى مُسْلِمٌ وَالْبَيْهَقِيُّ: مِنْ حَدِيثِ أَبِي مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُرَّةَ، عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ: سَأَلْنَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ (وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عند ربهم يرزقون) .

فقال: أَمَا إِنَّا قَدْ سَأَلْنَا عَنْ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ " أَرْوَاحُهُمْ في جوف طير خُضْرٍ (٢) تَسْرَحُ فِي أَيِّهَا شَاءَتْ، ثُمَّ تَأْوِي إِلَى قَنَادِيلَ مُعَلَّقَةٍ بِالْعَرْشِ، قَالَ فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إِذِ اطَّلَعَ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ اطِّلَاعَةً، فَقَالَ: اسألوني ما شئتم.

فقالوا يا ربنا ما نَسْأَلُكَ وَنَحْنُ نَسْرَحُ فِي الْجَنَّةِ فِي أَيِّهَا شئنا، ففعل ذلك بهم ثلاث مرات، فَلَمَّا رَأَوْا أَنْ لَنْ يُتْرَكُوا مِنْ أَنْ يَسْأَلُوا قَالُوا: نَسْأَلُكَ أَنْ تَرُدَّ أَرْوَاحَنَا إِلَى أجسادنا في الدنيا نقتل في سبيلك مرة أخرى.

قَالَ: فَلَمَّا رَأَى (٣) أَنَّهُمْ لَا يَسْأَلُونَ إِلَّا هَذَا تُرِكُوا (٤) .

فَصَلٌ فِي عَدَدِ الشُّهَدَاءِ

قَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ جَمِيعُ مَنِ اسْتُشْهِدَ يَوْمَ أُحُدٍ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ تِسْعَةٌ وَأَرْبَعُونَ رَجُلًا وقد ثبت فِي الْحَدِيثِ الصَّحيح عِنْدَ الْبُخَارِيِّ عَنِ الْبَرَاءِ أَنَّهُمْ قَتَلُوا مِنَ الْمُسْلِمِينَ سَبْعِينَ رَجُلًا فَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَقَالَ قَتَادَةُ عَنْ أَنَسٍ قُتِلَ مِنَ الْأَنْصَارِ يَوْمَ أُحُدٍ سَبْعُونَ وَيَوْمَ بِئْرِ مَعُونَةَ سَبْعُونَ وَيَوْمَ الْيَمَامَةِ سَبْعُونَ.

وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسِ أَنَّهُ كَانَ يقول قارب السَّبْعِينَ يَوْمَ أُحُدٍ وَيَوْمَ بِئْرِ مَعُونَةَ وَيَوْمَ مُؤْتَةَ وَيَوْمَ الْيَمَامَةِ.

وَقَالَ مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ قتل من الأنصار يوم أحد وَيَوْمَ الْيَمَامَةِ سَبْعُونَ وَيَوْمَ جِسْرِ أَبِي عُبَيْدٍ سبعون وهكذا قال عكرمة وعروة


(١) الخبر في دلائل البيهقي ٣ / ٣٠٤ وفي سنن أبي داود في الجهاد باب في فضل الشهادة ح ٢٥٢٠.
وسيرة ابن هشام ج ٣ / ١٢٦.
(٢) في البيهقي: أرواحهم كطير خضير.
(٣) في صحيح مسلم: فلما رأى أن ليس لهم حاجة تركوا.
(٤) الحديث موقوف.
أخرجه مسلم في ٣٣ كتاب الامارة ٣٣ باب ح ١٢١.
وأخرجه البيهقي في الدلائل ج ٣ / ٣٠٣، والترمذي في تفسير سورة آل عمران: وقال: حسن صحيح وأخرجه ابن ماجه في الجهاد.
(*)

<<  <  ج: ص:  >  >>