للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِذَا عَضَّنِي صَرْفُ الزَّمَانِ فَإِنَّنِي * بِرَايَاتِهِ أَسْطُو عليه ورائه

وَلَهُ فِي بَدُوِّ أَمْرِهِ: أَرَى الْكُتَّابَ كُلَّهُمْ جَمِيعًا * بأرزاقٍ تَعُمُّهُمْ سِنِينَا وَمَا لِيَ بَيْنَهُمْ رزقٌ كَأَنِّي * خُلِقْتُ مِنَ الْكِرَامِ الْكَاتِبِينَا وَلَهُ فِي النَّحْلَةِ وَالزَّلْقَطَةِ: وَمُغَرِّدَيْنِ تَجَاوَبَا فِي مجلسٍ * منعاهما لَأَذَاهُمَا الأقوامُ هَذَا يَجُودُ بِعَكْسِ مَا يَأْتِي به * هذا فيحمد ذا وذاك يلامُ وله: بِتْنَا عَلَى حالٍ تسرُّ الْهَوَى * لَكِنَّهُ لَا يُمْكِنُ الشَّرْحُ (١) بَوَّابُنَا اللَّيْلُ، وَقُلْنَا لَهُ: * إِنْ غبت عنّا هجم الصبح وأرسلت جارية من جواري الملك العزيز إلى الملك العزيز زراً من ذهب مغلف بعنبر أسود، فسأل الملك الفاضل عن معنى ما أرادت بإرساله فأنشأ يَقُولُ: أَهْدَتْ لَكَ الْعَنْبَرَ فِي وَسْطِهِ * زرٌّ مِنَ التِّبْرِ رَقِيقُ (٢) اللِّحَامِ فَالزِّرُّ فِي الْعَنْبَرِ مَعْنَاهُمَا * زُرْ هَكَذَا مُخْتَفِيًا فِي الظَّلَامِ قَالَ ابْنُ خَلِّكَانَ: وِقَدِ اخْتُلِفَ فِي لَقَبِهِ فَقِيلَ مُحْيِي الدِّينِ وَقِيلَ مُجِيرُ الدِّينِ، وَحُكِيَ عَنْ عمارة اليمني: أنه كان يذكر جميل وأن العادل بل الصالح هُوَ الَّذِي اسْتَقْدَمَهُ مِنَ الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ، وَقَدْ كَانَ مَعْدُودًا فِي حَسَنَاتِهِ.

وَقَدْ بَسَطَ ابْنُ خَلِّكَانَ تَرْجَمَتَهُ بِنَحْوِ مَا ذَكَرْنَا، وَفِي هَذِهِ زِيَادَةٌ كَثِيرَةٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سَبْعٍ وَتِسْعِينَ وخمسمائة فِيهَا اشْتَدَّ الْغَلَاءُ بِأَرْضِ مِصْرَ جِدًّا، فَهَلَكَ خلقٌ كثيرٌ جداَ مِنَ الْفُقَرَاءِ وَالْأَغْنِيَاءِ، ثُمَّ أَعْقَبَهُ فَنَاءٌ عَظِيمٌ، حَتَّى حَكَى الشَّيْخُ أَبُو شَامَةَ فِي الذَّيْلِ: أَنَّ الْعَادِلَ كَفَّنَ مِنْ مَالِهِ فِي مُدَّةِ شَهْرٍ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ نَحْوًا مِنْ مِائَتَيْ أَلْفٍ، وَعِشْرِينَ أَلْفَ مَيِّتٍ، وأكلت الكلاب والميتات فيها بِمِصْرَ، وَأُكِلَ مِنَ الصِّغَارِ وَالْأَطْفَالِ خَلْقٌ كَثِيرٌ، يشوي الصغير والداه ويأكلانه، وكثر هذا في الناس جداً حتى صار لا ينكر بينهم، فلما فرغت الأطفال والميتات غلب القوي الضعيف فذبحه وأكله، وكان الرجل

يحتال على الفقير فيأتي به ليطعمه أو ليعطيه شيئاً، ثم يذبحه ويأكله، وكان أحدهم يذبح امرأته


(١) في وفيات الاعيان ٣ / ١٦٠: بتنا على حالٍ يسر الهوى * وربما لا يمكن الشرح (٢) في الوفيات: دقيق اللحام.
(*)

<<  <  ج: ص:  >  >>