للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غيرها " (١) وذكر أنهن بعثن فاطمة ابنته إليه فقالت: " إن نساءك ينشدونك العدل في ابنة أبي بكر بن أبي قحافة، فقال: يا بنية ألا تحبين من أحب؟ قالت: قلت بلى! قال: فأحبي هذه ".

ثم بعثن زينب بنت جحش فدخلت على رسول الله وعنده عائشة فتكلمت زينب ونالت من عائشة، فانتصرت عائشة منها وكلمتها حتى أفحمتها، فجعل رسول الله ينظر إلى عائشة ويقول: " إنها ابنة أبي بكر ". وذكرنا أن عمارا لما جاء يستصرخ الناس ويستنفرهم إلى قتال طلحة والزبير أيام الجمل، صعد هو والحسن بن علي على منبر الكوفة، فسمع عمار رجلا ينال من عائشة فقال له: اسكت مقبوحا منبوذا، والله إنها لزوجة رسول الله في الدنيا وفي الآخرة، ولكن الله ابتلاكم ليعلم إياه تطيعون أو إياها (٢). وقال الإمام أحمد: حدثنا معاوية بن عمرو، ثنا زائدة، ثنا عبد الله بن خثيم، حدثني عبد الله بن أبي مليكة أنه حدثه ذكوان - حاجب عائشة - أنه جاء عبد الله بن عباس يستأذن على عائشة فجئت - وعند رأسها عبد الله ابن أخيها عبد الرحمن - فقلت: هذا ابن عباس يستأذن، فأكب عليها ابن أخيها عبد الله فقال: هذا عبد الله بن عباس يستأذن - وهي تموت - فقالت: دعني من ابن عباس، فقال: يا أماه!! إن ابن عباس من صالح بنيك يسلم عليك ويودعك، فقالت: ائذن له إن شئت، قال فأدخلته، فلما جلس قال: أبشري فقالت: بماذا؟ فقال: ما بينك وبين أن تلقي محمدا والأحبة إلا أن تخرج الروح من الجسد، وكنت أحب نساء رسول الله إليه، ولم يكن رسول الله يحب إلا طيبا، وسقطت قلادتك ليلة الأبواء فأصبح رسول الله وأصبح الناس وليس معهم ماء، فأنزل الله آية التيمم، فكان ذلك في سببك، وما أنزل الله من الرخصة لهذه الأمة، وأنزل الله براءتك من فوق سبع سماوات، جاء بها الروح الأمين، فأصبح ليس مسجد من مساجد الله إلا يتلى فيه آناء الليل وآناء النهار، فقالت: دعني منك يا بن عباس، والذي نفسي بيده لوددت أني كنت نسيا منسيا. والأحاديث في فضائلها ومناقبها كثيرة جدا. وقد كانت وفاتها في هذا العام سنة ثمان وخمسين وقيل قبله بسنة، وقيل بعده بسنة، والمشهور في رمضان منه وقيل في شوال، والأشهر ليلة الثلاثاء السابع عشر من رمضان، وأوصت أن تدفن بالبقيع ليلا، وصلى عليها أبو هريرة بعد صلاة الوتر، ونزل في قبرها خمسة، وهم عبد الله وعروة ابنا الزبير بن العوام، من أختها أسماء بنت أبي بكر، والقاسم وعبد الله ابنا أخيها محمد بن أبي بكر، وعبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر، وكان عمرها يومئذ سبعا وستين سنة، لأنه توفي رسول الله وعمرها ثمان عشرة سنة، وكان عمرها عام الهجرة ثمان سنين أو تسع سنين، فالله أعلم ورضي الله تعالى عن أبيها وعن الصحابة أجمعين.


(١) فتح الباري - كتاب المناقب ح ٣٧٧٥ ص ٧/ ١٠٧ وفي الترمذي - المناقب ح ٣٨٧٩ ص ٥/ ٧٠٣ كلاهما عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة.
(٢) فتح الباري ٧/ ١٠٦ كتاب المناقب ح ٣٧٧٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>