للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَاللَّهِ لَيَظْهَرَنَّ مُحَمَّدٌ عَلَى مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ، وَإِنَّ يَهُودَ كَانُوا يُخْبِرُونَنَا بِهَذَا، أَشْهَدُ لَسَمِعْتُ أَبَا رَافِعٍ سَلَّامَ بْنَ أَبِي الْحُقَيْقِ يَقُولُ: إِنَّا لَنَحْسُدُ مُحَمَّدًا عَلَى النُّبُوَّةِ حَيْثُ خَرَجَتْ مِنْ بَنِي هَارُونَ، إِنَّهُ لَمُرْسَلٌ، وَيَهُودُ لَا تُطَاوِعُنِي عَلَى هَذَا.

وَلَنَا مِنْهُ ذِبْحَانِ، وَاحِدٌ بِيَثْرِبَ وَآخَرُ بِخَيْبَرَ.

قَالَ الْحَارِثُ: قُلْتُ لِسَلَّامٍ يَمْلِكُ الْأَرْضَ؟ قَالَ نَعَمْ وَالتَّوْرَاةِ الَّتِي أُنْزِلَتْ عَلَى مُوسَى وَمَا أُحِبُّ أَنْ تَعْلَمَ يهود بقولي فيه.

[فصل]

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: فَلَمَّا فَرَغَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ خَيْبَرَ انْصَرَفَ إلى وادي القرى، فحاصر أهلها ليال ثُمَّ انْصَرَفَ رَاجِعًا إِلَى الْمَدِينَةِ.

ثُمَّ ذَكَرَ مِنْ قِصَّةِ مِدْعَمٍ وَكَيْفَ جَاءَهُ سَهْمٌ غَارِبٌ فَقَتَلَهُ، وَقَالَ النَّاس هَنِيئًا لَهُ الشَّهَادَةُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم " كَلَّا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّ الشَّمْلَةَ الَّتِي أَخَذَهَا يَوْمَ خَيْبَرَ لم يصبها الْمَقَاسِمُ لَتَشْتَعِلُ عَلَيْهِ نَارًا ".

وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ نَحْوَ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ إِسْحَاقَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَسَيَأْتِي ذِكْرُ قِتَالِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِوَادِي الْقُرَى.

قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا

يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حبَّان عَنْ أَبِي عَمْرَةَ عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ: أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَشْجَعَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم تُوُفِّيَ يَوْمَ خَيْبَرَ، فَذُكِرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ " صَلُّوا عَلَى صَاحِبِكُمْ " فَتَغَيَّرَ وُجُوهُ النَّاسِ مِنْ ذَلِكَ، فَقَالَ " إِنَّ صَاحِبَكُمْ غَلَّ فِي سَبِيلِ اللَّهِ " فَفَتَّشْنَا مَتَاعَهُ فَوَجَدْنَا خَرَزًا مِنْ خَرَزِ يَهُودَ مَا يُسَاوِي دِرْهَمَيْنِ (١) .

وَهَكَذَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حديث يحيى ابن سعيد القطان.

ورواه أَبُو دَاوُدَ وَبِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ ثَلَاثَتُهُمْ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ بِهِ.

وَقَدْ ذَكَرَ الْبَيْهَقِيُّ: أَنَّ بَنِي فَزَارَةَ أَرَادُوا أَنْ يُقَاتِلُوا رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرْجِعَهُ مِنْ خَيْبَرَ وَتَجَمَّعُوا لِذَلِكَ فَبَعَثَ إِلَيْهِمْ يُوَاعِدُهُمْ مَوْضِعًا (٢) مُعَيَّنًا فَلَمَّا تَحَقَّقُوا ذَلِكَ هَرَبُوا كُلَّ مَهْرَبٍ، وَذَهَبُوا مِنْ طَرِيقِهِ كُلَّ مَذْهَبٍ وَتَقَدَّمَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا حَلَّتْ صَفِيَّةُ مِنَ اسْتِبْرَائِهَا دَخَلَ بِهَا بِمَكَانٍ يُقَالُ لَهُ سَدُّ الصَّهْبَاءِ فِي أَثْنَاءِ طَرِيقِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ، وَأَوْلَمَ عَلَيْهَا بِحَيْسٍ، وَأَقَامَ ثلاثة أيام يبني عليه بها، وأسملت فأعتقها وتزوجها وجعل عناقها صَدَاقَهَا، وَكَانَتْ إِحْدَى أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ كَمَا فَهِمَهُ الصَّحَابَةُ لَمَّا مَدَّ عَلَيْهَا الْحِجَابَ وَهُوَ مُرْدِفُهَا وَرَاءَهُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا.

وَذَكَرَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ فِي السِّيرَةِ قَالَ: لَمَّا أَعْرَسَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِصَفِيَّةَ بِخَيْبَرَ - أَوْ بِبَعْضِ الطَّرِيقِ - وَكَانَتِ الَّتِي جَمَّلَتْهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَشَّطَتْهَا وَأَصْلَحَتْ مِنْ أَمْرِهَا أُمُّ سُلَيْمٍ بِنْتُ مِلْحَانَ أم


= آلاف مقاتل.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: كذبت (مغازي الواقدي ٢ / ٦٧٥) .
(١) أخرجه الإمام أحمد في مسنده ٤ / ١١٤ و ٥ / ١٩٢ ومالك في الموطأ في الجهاد، باب الغلول ٢ / ٤٥٨ وأبو داود في الجهاد باب في تعظيم الغلول.
والنسائي في كتاب الجنائز ٦٦ باب الصلاة على من غل.
وابن ماجة في الجهاد ٢٤ باب الغلول.
(٢) ذكره البيهقي في الدلائل ٤ / ٢٤٨ والموضع: جنفا: وهو ماء من مياه بني فزارة بين خيبر وفدك (*)

<<  <  ج: ص:  >  >>