للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لك بلا إله إلا الله " فقلت: يا رسول الله إنما قالها تعوذا من القتل، قال: " فمن لك يا أسامة بلا إله إلا الله " فوالذي بعثه بالحق ما زال يرددها علي حتى تمنيت أن ما مضى من إسلامي لم يكن، وأني أسلمت يومئذ ولم أقتله. فقلت: إني أعطي الله عهدا أن لا أقتل رجلا يقول لا إله إلا الله أبدا، فقال: " بعدي يا أسامة " فقلت بعدك (١). قال الإمام أحمد: حدثنا هشيم بن بشير، أنبأنا حصين، عن أبي ظبيان قال: سمعت أسامة بن زيد يحدث قال: بعثنا رسول الله إلى الحرقة من جهينة، قال فصبحناهم وكان منهم رجل إذا أقبل القوم كان من أشدهم علينا، وإذا أدبروا كان حاميتهم، قال: فغشيته أنا ورجل من الأنصار، فلما تغشيناه قال: لا إله إلا الله، فكف عنه الأنصاري وقتلته، فبلغ ذلك رسول الله فقال " يا أسامة أقتلته بعدما قال لا إله إلا الله؟ " قال: قلت: يا رسول الله إنما كان متعوذا من القتل، قال فكررها علي حتى تمنيت أني لم أكن أسلمت إلا يومئذ (٢). وأخرجه البخاري ومسلم من حديث هشيم به نحوه.

وقال ابن إسحاق: حدثني يعقوب بن عتبة، عن مسلم بن عبد الله الجهني، عن جندب ابن مكيث الجهني قال: بعث رسول الله غالب بن عبد الله الكلبي - كلب ليث إلى بني الملوح بالكديد وأمره أن يغير عليهم وكنت في سريته، فمضينا حتى إذا كنا بالقديد لقينا الحارث بن مالك بن البرصاء الليثي فأخذناه فقال: إني إنما جئت لأسلم، فقال له غالب بن عبد الله إن كنت إنما جئت لتسلم فلا يضيرك رباط يوم وليلة، وإن كنت على غير ذلك استوثقنا منك، قال فأوثقه رباطا وخلف عليه رويجلا أسود كان معنا وقال: أمكث معه حتى نمر عليك فإن نازعك فاحتز رأسه. ومضينا حتى أتينا بطن الكديد فنزلنا عشية بعد العصر، فبعثني أصحابي إليه، فعمدت إلى تل يطلعني على الحاضر (٣) فانبطحت عليه، وذلك قبل غروب الشمس، فخرج رجل منهم فنظر فرآني منبطحا على التل. فقال لامرأته، إني لأرى سوادا على هذا التل ما رأيته في أول النهار، فانظري لا تكون الكلاب اجترت بعض أوعيتك؟ فنظرت فقالت: والله ما أفقد منها شيئا، قال فناوليني قوسي وسهمين من نبلي فناولته فرماني بسهم في جنبي أو قال في جبيني فنزعته فوضعته ولم أتحرك، ثم رماني بالآخر فوضعه في رأس منكبي فنزعته فوضعته ولم أتحرك، فقال لامرأته: أما والله لقد خالطه سهماي ولو كان ريبة لتحرك، فإذا أصبحت فابتغي سهمي فخذيهما لا تمضغهما علي الكلاب، قال فأمهلنا حتى إذا راحت روايحهم وحتى احتلبوا وعطنوا وسكنوا وذهبت عتمة من الليل، شننا عليهم الغارة فقتلنا واستقنا النعم ووجهنا قافلين به وخرج صريخ القوم إلى قومهم بقربنا، قال وخرجنا سراعا حتى نمر بالحارث بن مالك بن البرصاء وصاحبه، فانطلقنا به معنا


(١) سيرة ابن هشام ٤/ ٢٧١، ودلائل البيهقي ٤/ ٢٩٧.
(٢) أخرجه مسلم في كتاب الايمان عن يعقوب الدورقي، والبخاري في المغازي. فتح الباري ٧/ ٥١٧.
(٣) الحاضر: الجماعة من الناس النازلون على الماء.

<<  <  ج: ص:  >  >>