طَرِيقَتَيِ الْحَدِيثِ وَفَهِمِ مَعَانِيهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَبِاللَّهِ الثِّقَةُ وَعَلَيْهِ التُّكْلَانُ، وَقَدْ اعْتَنَى النَّاس بِحَجَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اعْتِنَاءً كَثِيرًا مِنْ قُدَمَاءِ الْأَئِمَّةِ وَمُتَأَخِّرِيهِمْ، وَقَدْ صَنَّفَ الْعَلَّامَةُ أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حَزْمٍ
الْأَنْدَلُسِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ مُجَلَّدًا فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ أَجَادَ فِي أَكْثَرِهِ وَوَقَعَ لَهُ فِيهِ أَوْهَامٌ سَنُنَبِّهُ عليها في مواضعها وبالله المستعان.
باب بيان أنه عليه وَالسَّلَامُ لَمْ يَحُجَّ مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَّا حَجَّةً وَاحِدَةً وَأَنَّهُ اعْتَمَرَ قَبْلَهَا ثَلَاثَ عُمر كَمَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ: عَنْ هُدْبَةَ، عَنْ هَمَّامٍ، عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ.
قَالَ: اعْتَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم أَرْبَعَ عُمَرٍ كُلُّهُنَّ فِي ذِي الْقَعْدَةِ إِلَّا الَّتِي فِي حَجَّتِهِ.
الْحَدِيثَ.
وَقَدْ رَوَاهُ يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ ذَرٍّ، عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ أبي هريرة مثله وقال سعد بْنُ مَنْصُورٍ، عَنِ الدَّرَاوَرْدِيِّ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ.
قَالَتْ: اعْتَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم ثَلَاثَ عُمَرٍ: عُمْرَةٌ فِي شَوَّالٍ وَعُمْرَتَيْنِ فِي ذِي الْقَعْدَةِ وَكَذَا رَوَاهُ ابْنُ بُكَيْرٍ: عَنْ مَالِكٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ.
وَرَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ: مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ اعْتَمَرَ ثَلَاثَ عُمَرٍ كُلُّهُنَّ فِي ذِي الْقَعْدَةِ.
وَقَالَ أَحْمَدُ: ثَنَا أَبُو النَّضْرِ ثَنَا دَاوُدُ - يَعْنِي الْعَطَّارَ - عَنْ عَمْرٍو، عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عبَّاس.
قال: اعتمر رسول الله أَرْبَعَ عُمَرٍ عُمْرَةَ الْحُدَيْبِيَةِ وَعُمْرَةَ الْقَضَاءِ وَالثَّالِثَةُ مِنَ الْجِعْرَانَةِ وَالرَّابِعَةُ الَّتِي مَعَ حِجَّتِهِ.
وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ دَاوُدَ الْعَطَّارِ وحسَّنه التِّرمذي.
وَقَدْ تَقَدَّمَ هَذَا الْفَصْلُ عِنْدَ عُمْرَةِ الْجِعْرَانَةِ.
وَسَيَأْتِي فِي فَصْلِ مَنْ قال أنه عليه السلام حَجَّ قَارِنًا وَبِاللَّهِ الْمُسْتَعَانُ.
فَالْأُولَى، مِنْ هَذِهِ العمرة عُمْرَةُ الْحُدَيْبِيَةِ الَّتِي صدَّ عَنْهَا.
ثُمَّ بَعْدَهَا عُمْرَةُ الْقَضَاءِ وَيُقَالُ عُمْرَةُ الْقِصَاصِ وَيُقَالُ عُمْرَةُ الْقَضِيَّةِ.
ثُمَّ بَعْدَهَا عُمْرَةُ الْجِعْرَانَةِ مَرْجِعَهُ مِنَ الطَّائِفِ حِينَ قَسَّمَ غَنَائِمَ حُنَيْنٍ، وَقَدْ قَدَّمْنَا ذَلِكَ كُلَّهُ فِي مَوَاضِعِهِ، وَالرَّابِعَةُ عُمْرَتُهُ مَعَ حَجَّتِهِ وَسَنُبَيِّنُ اخْتِلَافَ النَّاس فِي عُمْرَتِهِ هَذِهِ مَعَ الْحَجَّةِ هَلْ كَانَ مُتَمَتِّعًا بِأَنْ أَوْقَعَ الْعُمْرَةَ قَبْلَ الْحَجَّةِ وَحَلَّ مِنْهَا أَوْ مَنَعَهُ مِنَ الْإِحْلَالِ مِنْهَا سَوْقُهُ الْهَدْيَ أَوْ كَانَ قَارِنًا لَهَا مَعَ الْحَجَّةِ كَمَا نَذْكُرُهُ مِنَ الْأَحَادِيثِ الدَّالَّةِ عَلَى ذَلِكَ أَوْ كَانَ مُفْرِدًا لَهَا عَنِ الْحَجَّةِ بِأَنْ أَوْقَعَهَا بَعْدَ قَضَاءِ الحجة قال: وَهَذَا هُوَ الَّذِي يَقُولُهُ مَنْ يَقُولُ بِالْإِفْرَادِ كَمَا هُوَ الْمَشْهُورُ عَنِ الشَّافِعِيِّ وَسَيَأْتِي بَيَانُ هَذَا عِنْدَ ذِكْرِنَا إِحْرَامَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم كيف كان مفردا أو
متمتعا أَوْ قَارِنًا.
قَالَ الْبُخَارِيُّ: ثَنَا عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ، ثَنَا زُهَيْرٌ، ثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي زَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَزَا تِسْعَ عَشْرَةَ غَزْوَةً، وَأَنَّهُ حَجَّ بَعْدَمَا هَاجَرَ حَجَّةً وَاحِدَةً، قَالَ أَبُو إسحاق