قالوا: أبو نواس. قال: فأيكم القائل:
إذا نزلت دون اللهاة من الفتى … دعي همه عن قلبه برحيل
قالوا: أبو نواس. قال: فأيكم القائل:
فتمشت في مفاصلهم … كتمشي البرء في السقم
قالوا: أبو نواس. قال: فهو أشعركم. وقال سفيان بن عيينة لابن مناذر: ما أشعر ظريفكم أبا نواس في قوله:
يا قمرا أبصرت في مأتم … يندب شجوا بين أتراب
أبرزه المأتم لي كارها … برغم ذي باب وحجاب
يبكي فيذري الدر من عينه … ويلطم الورد بعناب
لا زال موتا دأب أحبابه … ولم تزل رؤيته دأبي
قال ابن الأعرابي أشعر الناس أبو نواس في قوله:
تسترت من دهري بكل جناحه … فعيني ترى دهري وليس يراني
فلو تسأل الأيام عني ما درت … وأين مكاني ما عرفن مكاني
وقال أبو العتاهية: قلت في الزهد عشرين ألف بيت، وددت أن لي مكانها الأبيات الثلاثة التي قالها أبو نواس وهي هذه، وكانت مكتوبة على قبره:
يا نواسي توقر … أو تغير أو تصبر (١)
إن يكن ساءك دهر … فلما سرك أكثر
يا كثير الذنب … عفو الله من ذنبك أكبر
ومن شعر أبي نواس يمدح بعض الأمراء:
أوجده الله فما مثله … بطالب ذاك ولا ناشد
ليس على الله بمستنكر … أن يجمع العالم في واحد
وأنشد سفيان بن عيينة قول أبي نواس:
ما هوى إلا له سبب … يبتدى منه وينشعب
فتنت قلبي محجبة … وجهها بالحسن منتقب
(١) في ابن خلكان ٢/ ١٠٢: وتعز وتصبر.