للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: جُمِعَ السَّبْيُ - يَعْنِي بِخَيْبَرَ - فَجَاءَ دِحْيَةُ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَعْطِنِي جَارِيَةً مِنَ السَّبي قَالَ: اذْهَبْ فَخُذْ جَارِيَةً.

فَأَخَذَ صَفِيَّةَ بِنْتَ حُيَيٍّ، فَجَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا نَبِيَّ اللَّهِ أَعْطَيْتَ دِحْيَةَ قَالَ يَعْقُوبُ صَفِيَّةَ بِنْتَ حُيَيٍّ سَيِّدَةَ قُرَيْظَةَ وَالنَّضِيرِ مَا تَصْلُحُ إِلَّا لَكَ.

قال: ادعوا بِهَا فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهَا النَّبيّ صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ خُذْ جَارِيَةً مِنَ السَّبي غَيْرَهَا، وَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْتَقَهَا وَتَزَوَّجَهَا.

وَأَخْرَجَاهُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُلَيَّةَ.

وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَلَّادٍ الْبَاهِلِيُّ حَدَّثَنَا بَهْزُ بْنُ أَسَدٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، حَدَّثَنَا ثَابِتٌ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: وَقَعَ فِي سَهْمِ دِحْيَةَ جَارِيَةٌ جَمِيلَةٌ فَاشْتَرَاهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بسبعة أرؤس ثم دفعها إلى أم سلمة تَصْنَعُهَا وَتُهَيِّئُهَا قَالَ حَمَّادٌ: وَأَحْسَبُهُ قَالَ وَتَعْتَدُّ فِي بَيْتِهَا صَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَيٍّ.

تَفَرَّدَ بِهِ أَبُو دَاوُدَ.

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: فَلَمَّا افْتَتَحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْقَمُوصَ، حِصْنَ بَنِي أَبِي الْحُقَيْقِ، أُتي بِصَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيِّ بْنِ أَخْطَبَ وَأُخْرَى مَعَهَا، فَمَرَّ بِهِمَا بِلَالٌ - وَهُوَ الَّذِي جَاءَ بِهِمَا - عَلَى قَتْلَى مِنْ قَتْلَى يَهُودَ، فَلَمَّا رَأَتْهُمُ الَّتِي مَعَ صَفِيَّةَ صَاحَتْ، وَصَكَّتْ وَجْهَهَا، وَحَثَتِ التُّرَابَ عَلَى رَأْسِهَا، فلمَّا رَآهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: أَعْزِبُوا عَنِّي هَذِهِ الشَّيْطَانَةَ.

وَأَمَرَ بِصَفِيَّةَ فَحِيزَتْ خَلْفَهُ، وَأَلْقَى عَلَيْهَا رِدَاءَهُ، فَعَرَفَ الْمُسْلِمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدِ اصْطَفَاهَا لِنَفْسِهِ.

وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِبِلَالٍ - - فِيمَا بَلَغَنِي حِينَ رَأَى بِتِلْكَ الْيَهُودِيَّةِ مَا رَأَى: أَنُزِعَتْ مِنْكَ الرَّحْمَةُ يَا بِلَالُ، حَتَّى تَمُرَّ بِامْرَأَتَيْنِ عَلَى قَتْلَى رِجَالِهِمَا؟ وَكَانَتْ صَفِيَّةُ قَدْ رَأَتْ فِي الْمَنَامِ وَهِيَ عَرُوسٌ بِكِنَانَةَ بْنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَبِي الْحُقَيْقِ، أَنَّ قَمَرًا وَقَعَ فِي حِجْرِهَا، فَعَرَضَتْ رُؤْيَاهَا عَلَى زَوْجِهَا فَقَالَ: مَا هَذَا " إِلَّا أَنَّكِ تَمَنَّيْنَ مَلِكَ الْحِجَازِ محمدا، فلطلم وَجْهَهَا لَطْمَةً خضَّر عَيْنَهَا مِنْهَا.

فأُتي بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبِهَا أَثَرٌ مِنْهُ، فَسَأَلَهَا مَا هَذَا، فَأَخْبَرَتْهُ الْخَبَرَ.

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكِنَانَةَ بْنِ الرَّبِيعِ وَكَانَ عِنْدَهُ كَنْزُ بَنِي النَّضِيرِ، فَسَأَلَهُ عَنْهُ فَجَحَدَ أَنْ يَكُونَ يَعْلَمُ مَكَانَهُ.

فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم رَجُلٌ (١) مِنَ الْيَهُودِ فَقَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم:

إِنِّي رَأَيْتُ كِنَانَةَ يَطِيفُ بِهَذِهِ الْخَرِبَةِ كُلَّ غَدَاةٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِكِنَانَةَ: أَرَأَيْتَ إِنْ وَجَدْنَاهُ عِنْدَكَ أَقْتُلُكَ؟ قَالَ: نَعَمْ.

فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْخَرِبَةِ فَحُفِرَتْ فَأُخْرِجَ مِنْهَا بَعْضُ كَنْزِهِمْ ثُمَّ سَأَلَهُ عَمَّا بَقِيَ، فَأَبَى أَنْ يُؤَدِّيَهُ فَأَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الزُّبَيْرَ بْنَ الْعَوَّامِ فَقَالَ: عَذِّبْهُ حَتَّى تَسْتَأْصِلَ مَا عِنْدَهُ.

وَكَانَ الزُّبَيْرُ يَقْدَحُ بزنده فِي صَدْرِهِ حَتَّى أَشْرَفَ عَلَى نَفْسِهِ، ثُمَّ دفعه رسول الله إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ فَضَرَبَ عُنُقَهُ بِأَخِيهِ محمود بن مسلمة (٢) .

فَصْلٌ

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ وَحَاصَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَهْلَ خَيْبَرَ فِي حصنيهم الوطيح والسلالم حتى إذا


(١) سيرة ابن هشام ج ٣ / ٣٥١.
(٢) ذكره الواقدي واسمه: ثعلبة بن سلام بن أبي الحقيق.
(*)

<<  <  ج: ص:  >  >>