للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَكَانَتْ خِلَافَتُهُ فِيمَا ذَكَرَ غَيْرُ وَاحِدٍ سَنَتَيْنِ وَخَمْسَةَ أَشْهُرٍ وَأَرْبَعَةَ أَيَّامٍ، وَكَانَ حَكَمًا مُقْسِطًا، وإماماً عادلا وورعا ديِّناً لَا تَأْخُذُهُ فِي اللَّهِ لَوْمَةُ لَائِمٍ رحمه الله تعالى.

وهذه ترجمة عمر بن عبد العزيز الإمام المشهور رحمه الله

هُوَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ بْنِ أَبِي الْعَاصِ بْنِ أُمَيَّةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ أَبُو حفص القرشي الأموي المعروف أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ، وَأُمُّهُ أُمُّ عَاصِمٍ لَيْلَى بِنْتُ عاصم بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، وَيُقَالُ لَهُ أَشَجُّ بَنِي مَرْوَانَ، وَكَانَ يُقَالُ: الْأَشَجُّ وَالنَّاقِصُ أَعْدَلَا بَنِي مَرْوَانَ.

فَهَذَا هُوَ الْأَشَجُّ وَسَيَأْتِي ذِكْرُ النَّاقِصِ.

كَانَ عُمَرُ تَابِعِيًّا جَلِيلًا، رَوَى عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَالسَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ، وَيُوسُفَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ، وَيُوسُفُ صَحَابِيٌّ صَغِيرٌ.

وَرَوَى عَنْ خَلْقٍ مِنَ التَّابِعِينَ (١) .

وَعَنْهُ جَمَاعَةٌ مِنَ التَّابِعِينَ وَغَيْرِهِمْ.

قال الإمام أحمد بن حنبل: لا أدري قَوْلَ أَحَدٍ مِنَ التَّابِعِينَ حُجَّةً إِلَّا قَوْلَ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ.

بُويِعَ لَهُ بِالْخِلَافَةِ بَعْدَ ابْنِ عَمِّهِ سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ، عَنْ عَهْدٍ مِنْهُ لَهُ بِذَلِكَ كَمَا تَقَدَّمَ، وَيُقَالُ: كَانَ مَوْلِدُهُ فِي سَنَةِ إِحْدَى وَسِتِّينَ (٢) ، وَهِيَ السَّنَةُ الَّتِي قُتِلَ فِيهَا الْحُسَيْنُ بْنُ علي بِمِصْرَ، قَالَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ.

وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ: وُلِدَ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ، وَقِيلَ سَنَةَ تِسْعٍ وَخَمْسِينَ، فَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَكَانَ لَهُ جَمَاعَةٌ مِنَ الْإِخْوَةِ وَلَكِنِ الَّذِينَ هُمْ مِنْ أَبَوَيْهِ: أَبُو بَكْرٍ وَعَاصِمٌ وَمُحَمَّدٌ، وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنِ أَبِي خَيْثَمَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ مَعِينٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ بُكَيْرٍ عَنِ اللَّيْثِ.

قَالَ: بلغني أن عمران بن عبد الرحمن ابن شُرَحْبِيلَ بْنِ حَسَنَةَ كَانَ يُحَدِّثُ أَنَّ رَجُلًا رَأَى فِي الْمَنَامِ لَيْلَةَ وُلِدَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ - أَوْ لَيْلَةَ وَلِيَ الْخِلَافَةَ شَكَّ أَبُو بَكْرٍ - أَنَّ مُنَادِيًا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ يُنَادِي: أَتَاكُمُ اللِّينُ وَالدِّينُ وَإِظْهَارُ الْعَمَلِ الصَّالِحِ فِي الْمُصَلِّينَ، فَقُلْتُ: وَمَنْ هُوَ؟ فَنَزَلَ فَكَتَبَ في الأرض ع م ر.

وقال آدم بن إياس: ثَنَا أَبُو عَلِيٍّ ثَرْوَانُ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ.

قَالَ: دَخَلَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ العزيز إلى اصطبل أبيه فضربه فرس فشجه، فجعل أبوه يمسح الدم عنه وَيَقُولُ: إِنْ كُنْتَ أَشَجَّ بَنِي أُمَيَّةَ إنَّك إِذًا لَسَعِيدٌ.

رَوَاهُ الْحَافِظُ ابْنُ عَسَاكِرَ مِنْ طَرِيقِ هَارُونَ بْنِ مَعْرُوفٍ عَنْ ضَمْرَةَ، وَقَالَ نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ: ثَنَا ضِمَامُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ عَنْ أَبِي قُبَيْلٍ أنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ العزيز بكى وهو غلام صغير، فبلغ أُمَّهُ فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهِ فَقَالَتْ: مَا يُبْكِيكَ؟

قَالَ: ذَكَرْتُ الْمَوْتَ، فَبَكَتْ أُمُّهُ.

وَكَانَ قَدْ جَمَعَ القرآن وهو صغير، وقال الضحاك بن عثمان الخزامي: كَانَ أَبُوهُ قَدْ جَعَلَهُ عِنْدَ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ يُؤَدِّبُهُ، فَلَمَّا حَجَّ أَبُوهُ اجْتَازَ بِهِ فِي الْمَدِينَةِ فَسَأَلَهُ عَنْهُ فَقَالَ: مَا خَبَرْتُ أَحَدًا اللَّهُ أَعْظَمُ فِي صَدْرِهِ مِنْ هَذَا الْغُلَامِ.

وَرَوَى يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ أَنَّ عُمَرَ بن *


(١) ذكر ابن الجوزي بعضهم: سعيد بن المسيب وعبد الله بن ابراهيم بن قارظ وسالم وأبي سلمة وعروة وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ وخارجة بن زيد وعامر بن سعد بن أبي وقاص وأبي بردة بن أبي موسى والربيع بن سبرة وعراك بن مالك وأبي حازم والزهري والقرظي.
صفة الصفوة ٢ / ١٢٧ فوات الوفيات ٣ / ١٣٣.
(٢) في فوات الوفيات ٣ / ١٣٣: سنة ستين.
(*)

<<  <  ج: ص:  >  >>