للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إسحاق: حدثني يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير، عن أبيه، سمعت عائشة تقول: لما أرادوا غسل النبي ، قالوا: ما ندري أنجرد رسول الله من ثيابه، كما نجرد موتانا أم نغسله وعليه ثيابه؟ فلما اختلفوا ألقى الله عليهم النوم حتى ما منهم أحد إلا وذقنه في صدره، ثم كلمهم مكلم من ناحية البيت لا يدرون من هو، أن غسلوا رسول الله وعليه ثيابه، فقاموا إلى رسول الله فغسلوه وعليه قميص يصبون الماء فوق القميص فيدلكونه بالقميص دون أيديهم. فكانت عائشة تقول: لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما غسل رسول الله إلا نساؤه (١). رواه أبو داود من حديث ابن إسحاق. وقال الإمام أحمد، حدثنا يعقوب، ثنا أبي، عن ابن إسحاق: حدثني حسين بن عبد الله، عن عكرمة عن ابن عباس. قال: اجتمع القوم لغسل رسول الله وليس في البيت إلا أهله، عمه العباس بن عبد المطلب وعلي بن أبي طالب، والفضل بن عباس وقثم بن العباس، وأسامة بن زيد بن حارثة وصالح مولاه. فلما اجتمعوا لغسله نادى من وراء الناس أوس بن خولي الأنصاري أحد بني عوف بن الخزرج - وكان بدريا - علي بن أبي طالب. فقال: يا علي ننشدك الله وحظنا من رسول الله . فقال له علي: أدخل فدخل فحضر غسل رسول الله ولم يل من غسله شيئا، فأسنده علي إلى صدره وعليه قميصه، وكان العباس وفضل وقثم يقلبونه مع علي. وكان أسامة بن زيد وصالح مولاه هما يصبان الماء، وجعل علي يغسله ولم ير من رسول الله شيئا مما يرى من الميت. وهو يقول: بأبي وأمي ما أطيبك حيا وميتا، حتى إذا فرغوا من غسل رسول الله، - وكان يغسل بالماء والسدر - جففوه ثم صنع به ما يصنع بالميت. ثم أدرج في ثلاثة أثواب ثوبين أبيضين وبرد حبرة، قال ثم دعا العباس رجلين. فقال: ليذهب أحدكما إلى أبي عبيدة بن الجراح - وكان أبو عبيدة يضرح لأهل مكة. وليذهب الآخر إلى أبي طلحة بن سهل الأنصاري - وكان أبو طلحة يلحد لأهل المدينة. قال: ثم قال العباس حين سرحهما: اللهم خر لرسولك! قال فذهبا فلم يجد صاحب أبي عبيدة أبا عبيدة ووجد صاحب أبي طلحة أبا طلحة فلحد لرسول الله انفرد به أحمد (٢). وقال يونس بن بكير: عن المنذر بن ثعلبة، عن الصلت عن العلباء بن أحمر قال: كان علي والفضل يغسلان رسول الله. فنودي علي أرفع طرفك إلى السماء وهذا منقطع.

قلت: وقد روى بعض أهل السنن عن علي بن أبي طالب. أن رسول الله قال له: " يا علي لا تبد فخذك، ولا تنظر إلى فخذ حي ولا ميت ". وهذا فيه إشعار بأمره له في حق نفسه. والله أعلم. وقال الحافظ أبو بكر البيهقي: أنبأنا أبو عبد الله الحافظ، أنبأنا محمد بن يعقوب، ثنا


(١) رواه البيهقي في الدلائل ٧/ ٢٤٢، وأخرجه الحاكم في المستدرك ٣/ ٥٩ وقال: " هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه ". ونقله السيوطي في الخصائص الكبرى ٢/ ٢٧ وعزاه لابن سعد ولأبي داود والبيهقي.
(٢) مسند أحمد حديث رقم ٢٣٥٨ والقسم الأخير منه في سيرة ابن هشام ج ٤/ ٢٧٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>