للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أجمع سكران من القوم ترى … يا عجبا من ملحد في أم القرى (١)

• مخادع للدين يقضي بالفرى … (٢)

وفي رواية:

أبلغ أبا بكر إذا الامر انبرى … ونزل الجيش على وادي القرى

عشرون ألفا بين كهل وفتى … أجمع سكران من القوم ترى

قالوا: وسار مسلم بمن معه من الجيوش إلى المدينة، فلما اقترب منها اجتهد أهل المدينة في حصار بني أمية، وقالوا لهم: والله لنقتلنكم عن آخركم أو تعطونا موثقا أن لا تدلوا علينا أحدا من هؤلاء الشاميين، ولا تمالئوهم علينا، فأعطوهم العهود بذلك، فلما وصل الجيش تلقاهم بنو أمية فجعل مسلم يسألهم عن الاخبار فلا يخبره أحد، فانحصر لذلك، وجاءه عبد الملك بن مروان فقال له: إن كنت تريد النصر فأنزل شرقي المدينة في الحرة، فإذا خرجوا إليك كانت الشمس في أقفيتكم وفي وجوههم، فادعهم إلى الطاعة، فإن أجابوك وإلا فاستعن بالله وقاتلهم فإن الله ناصرك عليهم إذ خالفوا الامام وخرجوا عن الطاعة. فشكره مسلم بن عقبة على ذلك، وامتثل ما أشار به، فنزل شرقي المدينة في الحرة، ودعا أهلها ثلاثة أيام، كل ذلك يأبون إلا المحاربة والمقاتلة، فلما مضت الثلاثة قال لهم في اليوم الرابع - وهو يوم الأربعاء لليلتين بقيتا من ذي الحجة سنة ثلاث وستين - قال لهم: يا أهل المدينة: مضت الثلاث وإن أمير المؤمنين قال لي: إنكم أصله وعشيرته، وإنه يكره إراقة دمائكم، وإنه أمرني أن أؤجلكم ثلاثا فقد مضت، فماذا أنتم صانعون؟ أتسالمون أم تحاربون؟ فقالوا: بل نحارب. فقال: لا تفعلوا بل سالموا ونجعل جدنا وقوتنا على هذا الملحد - يعني ابن الزبير - فقالوا: يا عدو الله! لو أردت ذلك لما مكناك منه، أنحن نذركم تذهبون فتلحدون في بيت الله الحرام؟ ثم تهيأوا للقتال، وقد كانوا اتخذوا خندقا بينهم وبين ابن عقبة، وجعلوا جيشهم أربعة أرباع على كل ربع أمير (٣)، وجعلوا أجمل الأرباع الرباع الذي فيه عبد الله بن حنظلة الغسيل، ثم اقتتلوا قتالا شديدا، ثم انهزم أهل المدينة إليها. وقد قتل من الفريقين خلق من السادات والأعيان، منهم عبد الله بن مطيع وبنون له سبعة بين يديه، وعبد الله بن حنظلة الغسيل، وأخوه لامه محمد بن ثابت بن شماس، ومحمد بن عمرو بن حزم،


(١) في الطبري والكامل وابن الأعثم يا عجبا من ملحد يا عجبا.
(٢) في الطبري: يقفو بالعرى، وفي الكامل: يعفو بالعرى.
(٣) في الطبري ٧/ ٨ عبد الرحمن بن زهير بن عبد عوف على ربع، وعبد الله بن مطيع على ربع آخر، ومعقل بن سنان الأشجعي على ربع آخر وعبد الله بن حنظلة الغسيل الأنصاري في أعظم تلك الأرباع وأكثره عددا.

<<  <  ج: ص:  >  >>