للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عامة … وقد تكلمنا على ذلك وما شاكله فيما سلف بما أغنى عن إعادته ولله الحمد. وقد ذكر غير واحد من العلماء أن كل معجزة [لنبي] من الأنبياء فهي معجزة لخاتمهم محمد وذلك أن كلا منهم بشر بمبعثه، وأمر بمتابعته، كما قال تعالى:(وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه قال أأقررتم وأخذتم على ذلكم إصري قالوا أقررنا قال فاشهدوا وأنا معكم من الشاهدين … فمن تولى بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون)[آل عمران: ٨١] وقد ذكر البخاري وغيره عن ابن عباس أنه قال: ما بعث الله نبي من الأنبياء إلا أخذ عليه العهد والميثاق لئن بعث محمد وهو حي ليؤمنن به وليتبعنه ولينصرنه … وذكر غير واحد من العلماء أن كرامات الأولياء معجزات للأنبياء، لان الولي إنما نال ذلك ببركة متابعته لنبيه، وثواب إيمانه … والمقصود أنه كان الباعث لي على عقد هذا الباب أني وقفت على مولد اختصره من سيرة الإمام محمد بن إسحاق بن يسار وغيرهما شيخنا الإمام العلامة شيخ الاسلام كمال الدين أبو المعالي محمد بن علي الأنصاري السماكي، نسبه إلى أبي دجانة الأنصاري سماك بن حرب بن حرشة الأوسي، ، شيخ الشافعية في زمانه بلا مدافعة، المعروف بابن الزملكاني عليه رحمة الله، وقد ذكر في أواخره شيئا من فضائل رسول الله ، وعقد فصلا في هذا الباب فأورد فيه أشياء حسنة، ونبه على فوائد جمة، وفوائد مهمة، وترك أشياء أخرى حسنة، ذكرها غيره من الأئمة المتقدمين، ولم أره استوعب الكلام إلى آخره، فأما أنه قد سقط من خطه، أو أنه لم يكمل تصنيفه، فسألني بعض أهله من أصحابنا ممن تتأكد أجابته، وتكرر ذلك منه، في تكميله وتبويبه وترتيبه، وتهذيبه، والزيادة عليه والإضافة إليه، فاستخرت الله حينا من الدهر، ثم نشطت لذلك ابتغاء الثواب والاجر، وقد كنت سمعت من شيخنا الإمام العلامة الحافظ، أبي الحجاج المزي تغمده الله برحمته، أن أول من تكلم في هذا المقام الإمام أبو عبد الله محمد بن إدريس الشافعي ، وقد روى الحافظ أبو بكر البيهقي في كتابه دلائل النبوة، عن شيخه الحاكم أبي عبد الله، أخبرني أبو أحمد بن أبي الحسن، أنا عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي عن أبيه، قال عمرو بن سواد (١): قال الشافعي: مثل ما أعطى الله نبيا ما أعطى محمدا ، فقلت: أعطى عيسى إحياء الموتى، فقال: أعطى محمدا الجذع الذي كان يخطب إلى جنبه حين بني له المنبر حن الجذع حتى سمع صوته، فهذا أكبر من ذلك (٢)، هذا لفظه … والمراد من إيراد ما نذكره في هذا الباب، البينة على ما أعطى الله أنبياءه من الآيات البينات، والخوارق القاطعات، والحجج الواضحات، وأن الله جمع لعبده ورسوله سيد الأنبياء وخاتمهم من جميع أنواع المحاسن والآيات،


(١) من دلائل البيهقي، وفي الأصل عمر بن سوار تحريف. وهو ابن الأسود بن عمرو العامري، أبو محمد البصري، ثقة من الحادية عشرة مات سنة خمس وأربعين (تقريب ٢/ ٧٢).
(٢) دلائل البيهقي ٦/ ٦٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>