للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً وَجُنُوداً لَمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيراً) * [الأحزاب: ٩] ثمَّ قَالَ: حدَّثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ خُزَيْمَةَ ح وحدَّثنا عُثْمَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعُثْمَانِيُّ، أنَّا زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى السَّاجيّ، قَالَا: حدَّثنا أَبُو سَعِيدٍ الْأَشَجُّ، حدَّثنا حَفْصُ بْنُ عتاب عَنْ دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ الْأَحْزَابِ انْطَلَقَتِ الْجَنُوبُ إِلَى الشَّمال فَقَالَتِ: انْطَلِقِي بِنَا نَنْصُرْ مُحَمَّدًا رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم، فَقَالَتْ الشَّمال لِلْجَنُوبِ: إنَّ الحرَّة لا ترى باللَّيل، فَأَرْسَلَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الصَّبا، فَذَلِكَ قَوْلُهُ: * (فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً وَجُنُوداً لَمْ تَرَوْهَا) * [الأحزاب: ٩] وَيَشْهَدُ لَهُ الْحَدِيثُ المتقدِّم عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: نُصِرْتُ بالصَّبا وَأُهْلِكَتْ عَادٌ بِالدَّبُورِ.

الْقَوْلُ فِيمَا أُوتِيَ صَالِحٌ عَلَيْهِ السَّلام

قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: فَإِنْ قِيلَ: فَقَدْ أَخْرَجَ اللَّهُ لِصَالِحٍ نَاقَةً مِنَ الصَّخرة جَعَلَهَا اللَّهُ لَهُ آيَةً وَحُجَّةً عَلَى قَوْمِهِ وَجَعَلَ لَهَا شِرْبَ يَوْمٍ، وَلَهُمْ شِرْبَ يَوْمٍ مَعْلُومٍ.

قُلْنَا: وَقَدْ أَعْطَى اللَّهُ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَ

ذَلِكَ، بَلْ أَبْلَغَ لأنَّ نَاقَةَ صَالِحٍ لَمْ تكلِّمه وَلَمْ تَشْهَدْ لَهُ بالنُّبُّوة والرِّسالة، ومحمَّد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم شَهِدَ لَهُ البعير بالرِّسالة، وَشَكَى إِلَيْهِ مَا يَلْقَى مِنْ أَهْلِهِ، من أنهم يجيعونه ويريدون ذبحه، ثمَّ سَاقَ الْحَدِيثَ بِذَلِكَ كَمَا قدَّمنا فِي دلائل النبُّوة بطرقه وألفاظه وغرره بما أغنى عن إعادته ههنا، وَهُوَ فِي الصِّحاح وَالْحِسَانِ وَالْمَسَانِيدِ، وَقَدْ ذَكَرْنَا مَعَ ذَلِكَ حَدِيثَ الْغَزَالَةِ، وَحَدِيثَ الضَّب وَشَهَادَتَهُمَا لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم بالرِّسالة، كَمَا تقدَّم التَّنبيه عَلَى ذَلِكَ وَالْكَلَامُ فِيهِ، وَثَبَتَ الْحَدِيثُ فِي الصَّحيح بِتَسْلِيمِ الْحَجَرِ عَلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يُبْعَثَ، وَكَذَلِكَ سَلَامُ الْأَشْجَارِ وَالْأَحْجَارِ وَالْمَدَرِ عليه قبل أن يبعث صلَّى الله عليه وسلَّم.

الْقَوْلُ فِيمَا أُوتِيَ إِبْرَاهِيمُ الْخَلِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ

قَالَ شَيْخُنَا الْعَلَّامَةُ أَبُو الْمَعَالِي بْنُ الزَّملكانيّ رحمه الله: وأمَّا خُمُودُ النَّار لِإِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، فَقَدْ خَمَدَتْ لنبيِّنا صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم نار فارس لِمَوْلِدِهِ صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ بِعْثَتِهِ أَرْبَعُونَ سَنَةً، وَخَمَدَتْ نَارُ إِبْرَاهِيمَ لِمُبَاشَرَتِهِ لَهَا، وَخَمَدَتْ نَارُ فَارِسَ لنبيِّنا صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَيْنَهُ وَبَيْنَهَا مَسَافَةُ أَشْهُرٍ كَذَا، وَهَذَا الَّذِي أَشَارَ إِلَيْهِ مِنْ خُمُودِ نَارِ فَارِسَ لَيْلَةَ مَوْلِدِهِ الْكَرِيمِ، قَدْ ذَكَرْنَاهُ بِأَسَانِيدِهِ وَطُرُقِهِ فِي أوَّل السِّيرة، عِنْدَ ذَكَرِ الْمَوْلِدِ المطهَّر الكريم، بِمَا فِيهِ كِفَايَةٌ وَمَقْنَعٌ، ثمَّ قَالَ شَيْخُنَا: مَعَ أنَّه قَدْ أُلقي بَعْضُ هَذِهِ الأمَّة فِي النَّار فَلَمْ تُؤَثِّرْ فِيهِ بِبَرَكَةِ نَبِيِّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم، مِنْهُمْ أَبُو مُسْلِمٍ الخولاني، قال: بينما الْأَسْوَدُ بْنُ قَيْسٍ الْعَنْسِيُّ بِالْيَمَنِ، فَأَرْسَلَ إِلَى أبي مسلم الخولاني فقال: أَتَشْهَدُ أنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: أَتَشْهَدُ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ؟ قَالَ: مَا أسمع، فأعاد إليه، قال، ما أسمع، فأمر بنار عظيمة فأجِّجت فطُرح فِيهَا أَبُو مُسْلِمٍ فَلَمْ تضرَّه، فَقِيلَ لَهُ: لَئِنْ تَرَكْتَ هَذَا فِي بِلَادِكَ أَفْسَدَهَا عَلَيْكَ، فَأَمَرَهُ بالرَّحيل، فَقَدِمَ الْمَدِينَةَ وَقَدْ قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم وَاسْتُخْلِفَ أَبُو بَكْرٍ، فَقَامَ إِلَى سَارِيَةٍ مِنْ سَوَارِي

<<  <  ج: ص:  >  >>