للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جَمَاعَةٌ مِنَ الْأُمَرَاءِ مَعَ الْأَمِيرِ سَيْفِ الدِّينِ طيبغا الطويل، فبرز إليهم إلى قبة القصر (١) فَالْتَقَوْا مَعَهُ هُنَالِكَ، فَقَتَلَ جَمَاعَةً وَجَرَحَ آخَرِينَ، وَانْفَصَلَ الْحَالُ عَلَى مَسْكِ طَيْبُغَا الطَّوِيلِ وَهُوَ جريح،

ومسك أرغون السعردي الدويدار، وخلق من أمراء الألوف والطبلخانات، وَجَرَتْ خَبْطَةٌ عَظِيمَةٌ اسْتَمَرَّ فِيهَا الْأَمِيرُ الْكَبِيرُ يلبغا على عزه وتأييده ونصره والله الْحَمْدُ والمنَّة.

وَفِي ثَانِي رَجَبٍ يَوْمِ السَّبْتِ تَوَجَّهَ الْأَمِيرُ سَيْفُ الدِّينِ بَيْدَمُرُ الَّذِي كَانَ نَائِبَ دِمَشْقَ إِلَى الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ بِطَلَبِ الْأَمِيرِ يَلْبُغَا لِيُؤَكِّدَ أَمْرَهُ فِي دُخُولِ الْبَحْرِ لِقِتَالِ الفرنج وفتح قبرص إن شاء الله، انتهى والله تعالى أعلم.

مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِأَمْرِ بَغْدَادَ أَخْبَرَنِي الشَّيْخُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ الْبَغْدَادِيُّ أَحَدُ رُؤَسَاءِ بَغْدَادَ وَأَصْحَابِ التِّجَارَاتِ، وَالشَّيْخُ شِهَابُ الدِّينِ الْعَطَّارُ - السِّمْسَارُ فِي الشَّرْبِ بغدا دي أيضاً - أن بغداد بعد أن اسْتَعَادَهَا أُوَيْسٌ مَلِكُ الْعِرَاقِ وَخُرَاسَانَ مِنْ يَدِ الطواشي مرجان، واستحضره فأكرمه وأطلق له، فاتفقا أن أصل الفتنة من الأمير أحمد أخو الْوَزِيرِ، فَأَحْضَرَهُ السُّلْطَانُ إِلَى بَيْنِ يَدَيْهِ وَضَرَبَهُ بِسِكِّينٍ فِي كَرِشِهِ فَشَقَّهُ، وَأَمَرَ بَعْضَ الْأُمَرَاءِ فَقَتَلَهُ، فَانْتَصَرَ أَهْلُ السُّنَّةِ لِذَلِكَ نُصْرَةً عَظِيمَةً، وأخذ خشبته أَهِلُ بَابِ الْأَزَجِ فَأَحْرَقُوهُ وَسَكَنَتِ الْأُمُورُ وَتَشَفَّوْا بِمَقْتَلِ الشَّيخ جَمَالِ الدِّين الْأَنْبَارِيِّ الَّذِي قَتَلَهُ الوزير الرافضي فأهلكه الله بعده سريعاً انتهى.

وَفَاةُ قَاضِي الْقُضَاةِ عِزِّ الدِّينِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ حَاتِمٍ (١) الشَّافِعِيِّ

وَفِي الْعَشْرِ الْأَوَّلِ مِنْ شَهْرِ شَعْبَانَ قَدِمَ كِتَابٌ مِنَ الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ بوفاة قَاضِي الْقُضَاةِ بَدْرِ الدِّينِ مُحَمَّدِ (٢) بْنِ جَمَاعَةَ بِمَكَّةَ شَرَّفَهَا اللَّهُ، فِي الْعَاشِرِ مِنْ جُمَادَى الْآخِرَةِ وَدُفِنَ فِي الْحَادِيَ عَشَرَ فِي بَابِ الْمُعَلَّى وَذَكَرُوا أَنَّهُ تُوُفِّيَ وَهُوَ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ، وأخبرني صاحب الشَّيْخُ مُحْيِي الدِّينِ الرَّحْبِيُّ حَفِظَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ كَثِيرًا: أَشْتَهِي أَنْ أَمُوتَ وَأَنَا مَعْزُولٌ، وَأَنْ تَكُونَ وَفَاتِي بِأَحَدِ الْحَرَمَيْنِ، فَأَعْطَاهُ اللَّهُ مَا تَمَنَّاهُ: عَزَلَ نَفْسَهُ فِي السَّنَةِ الْمَاضِيَةِ، وَهَاجَرَ إِلَى مَكَّةَ، ثُمَّ قَدِمَ الْمَدِينَةَ لِزِيَارَةِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ عَادَ إِلَى مَكَّةَ، وَكَانَتْ وَفَاتُهُ بِهَا فِي الْوَقْتِ الْمَذْكُورِ، فَرَحِمَهُ اللَّهُ وَبَلَّ بالرحمة ثراه.

وقد


(١) في الجوهر الثمين ٢ / ٢٢٣: قبة النصر، وكان ذلك صبيحة يوم السبت سابع عشر جمادى الآخرة كما في السلوك ٣ / ١١٦.
ويعلل المقريزي سبب الخلاف هو ابعاد طيبغا الطويل وتوليته نيابة دمشق فرفض وكان ذلك يوم الثلاثاء ثالث عشر جمادى الآخرة (السلوك ٣ / ١١٥) ثم أفرج عنه السلطان بشفاعة الامراء فيه وقدم طيبغا
الطويل إلى القاهرة من معتقله يوم الثلاثاء ثامن شعبان، وفي آخره رسم السلطان لطيبغا بالخروج إلى القدس الشريف بطالا (السلوك ٣ / ١٢٠ النجوم الزاهرة ١١ / ٣٢) .
(٢) كذا بالاصل، وهو قاضي القضاة عز الدين أبو عمر عبد العزيز بن محمد بن إبراهيم بن سعد الله بن جماعة الكناني الحموي الأصل الدمشقي المولد الشافعي.
(شذرات الذهب ٦ / ٢٠٨) .

<<  <  ج: ص:  >  >>