للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عِنْدَ كَثِيرٍ مِنَ المفسِّرين مِنْ أَنْبِيَاءِ بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَعِنْدَ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ يَسَارٍ وَآخَرِينَ مِنْ عُلَمَاءِ النَّسب قَبْلَ نُوحٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فِي عَمُودِ نَسَبِهِ إِلَى آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، كَمَا تقدَّم التَّنبيه عَلَى ذَلِكَ.

فَقَالَ: الْقَوْلُ فِيمَا أُعْطِيَ إِدْرِيسُ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنَ الرِّفعة الَّتِي نوَّه اللَّهُ بِذِكْرِهَا فَقَالَ: * (وَرَفَعْنَاهُ مَكَاناً عَلِيّاً) * قَالَ: وَالْقَوْلُ فِيهِ أنَّ نبيِّنا محمَّداً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم أُعطي أَفْضَلَ وَأَكْمَلَ مِنْ ذَلِكَ، لأنَّ اللَّهَ تَعَالَى رَفَعَ ذِكْرَهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فَقَالَ: * (وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ) * [الشرح: ٤] فَلَيْسَ خَطِيبٌ وَلَا شَفِيعٌ وَلَا صَاحِبُ صَلَاةٍ إِلَّا يُنَادِي بِهَا: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، فَقَرَنَ اللَّهُ اسْمَهُ بِاسْمِهِ، فِي مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا، وَذَلِكَ مِفْتَاحًا للصَّلاة الْمَفْرُوضَةِ، ثمَّ أَوْرَدَ حَدِيثَ ابْنِ لَهِيعَةَ عَنْ دراج عن أبي الهشيم عَنْ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم فِي قَوْلِهِ: * (وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ) * قَالَ: قَالَ جِبْرِيلُ: قَالَ اللَّهُ: إِذَا ذُكِرْتُ ذُكِرْتَ * ورواه ابن جرير وابن أبي عاصم مِنْ طَرِيقِ دَرَّاجٍ.

ثمَّ قَالَ: حدَّثنا أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْغِطْرِيفِيُّ، حدَّثنا مُوسَى بْنُ سَهْلٍ الْجَوْنِيُّ، حدَّثنا أَحْمَدُ بْنُ الْقَاسِمِ بْنِ بَهْرَامَ الْهِيتِيُّ، حدَّثنا نَصْرُ بْنُ حَمَّادٍ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَطَاءٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لمَّا فَرَغْتُ ممَّا أمرني الله تعالى به من أمر السَّموات وَالْأَرْضِ قَلْتُ: يَا ربِّ إنَّه لَمْ يَكُنْ نَبِيٌّ قَبْلِي إِلَّا قَدْ كرَّمته، جَعَلْتَ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا، وَمُوسَى كِلِيمًا، وسخَّرت لِدَاوُدَ الْجِبَالَ، وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيح والشَّياطين، وَأَحْيَيْتَ لِعِيسَى الْمَوْتَى، فَمَا جَعَلْتَ لِي؟ قَالَ: أَوْ لَيْسَ قَدْ أَعْطَيْتُكَ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ، أَنْ لَا أُذْكَرَ إِلَّا ذكرت معي، وجعلت صدور أمَّتك أناجيل يقرؤن الْقُرْآنَ ظَاهِرًا وَلَمْ أُعْطِهَا أمَّة، وَأَنْزَلْتُ عَلَيْكَ كَلِمَةً مِنْ كُنُوزِ عَرْشِي: لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ.

وَهَذَا إِسْنَادٌ فِيهِ غَرَابَةٌ، وَلَكِنْ أَوْرَدَ لَهُ شَاهِدًا مِنْ طَرِيقِ أَبِي الْقَاسِمِ ابْنِ بِنْتِ مَنِيعٍ الْبَغَوِيِّ عَنْ سُلَيْمَانَ بن

داود المهراني، عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائب، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عبَّاس مَرْفُوعًا بِنَحْوِهِ * وَقَدْ رَوَاهُ أَبُو زُرْعَةَ الرَّازيّ فِي كِتَابِ دَلَائِلِ النُّبُّوة بِسِيَاقٍ آخَرَ، وفيه انقطاع، فقال: حدثنا هشام بن عمَّار الدِّمشقيّ، حدَّثنا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، حدَّثنا شُعَيْبُ بن زريق أنَّه سَمِعَ عَطَاءً الْخُرَاسَانِيَّ يحدِّث عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم من حديث ليلة أسري به.

قال، لمَّا أراني اللَّهُ مِنْ آيَاتِهِ فَوَجَدْتُ رِيحًا طَيِّبَةً فَقُلْتُ: مَا هَذَا يَا جِبْرِيلُ؟ قَالَ، هَذِهِ الجنَّة، قلت: يا ربِّي إئتني بأهلي، قال الله تعالى: لَكِ مَا وَعَدْتُكِ، كُلُّ مُؤْمِنٍ وَمُؤْمِنَةٍ لَمْ يتَّخذ من دوني أنداداً، ومن أقرضني قرَّبته، وَمَنْ توكَّل عليَّ كَفَيْتُهُ، وَمَنْ سَأَلَنِي أَعْطَيْتُهُ، ولا ينقص نفقته، وَلَا يَنْقُصُ مَا يَتَمَنَّى، لَكِ مَا وَعَدْتُكِ، فنعم دار المتَّقين أنت، قلت: رَضِيتُ، فلمَّا انْتَهَيْنَا إِلَى سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى خَرَرْتُ سَاجِدًا فَرَفَعْتُ رَأْسِي فَقُلْتُ: يَا رَبِّ اتَّخذت إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا، وكلَّمت مُوسَى تَكْلِيمًا، وَآتَيْتَ دَاوُدَ زَبُورًا، وَآتَيْتَ سُلَيْمَانَ مُلْكًا عَظِيمًا، قَالَ: فإنِّي قد رفعت لك ذكرك، وَلَا تَجُوزُ لأمَّتك خُطْبَةٌ حَتَّى يَشْهَدُوا أنَّك رَسُولِي، وَجَعَلْتُ قُلُوبَ أمَّتك أَنَاجِيلَ، وَآتَيْتُكَ خَوَاتِيمَ سورة

<<  <  ج: ص:  >  >>