للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأهل البيت تكبيرة سمعت بأعلا مكة، وخرج أبو الأرقم - وهو أعمى كافر - وهو يقول: اللهم اغفر لبني عبيد الأرقم فإنه كفر، فقام عمر فقال يا رسول الله على ما نخفي ديننا ونحن على الحق ويظهر دينهم وهم على الباطل؟ قال: " يا عمر إنا قليل قد رأيت ما لقينا " فقال عمر: فوالذي بعثك بالحق لا يبقى مجلس جلست فيه بالكفر إلا أظهرت فيه الايمان، ثم خرج فطاف بالبيت، ثم مر بقريش وهي تنتظره، فقال أبو جهل بن هشام: يزعم فلان أنك صبوت؟ فقال عمر: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله. فوثب المشركون إليه، ووثب على عتبة فبرك عليه وجعل يضربه، وأدخل إصبعه في عينيه، فجعل عتبة يصيح فتنحى الناس فقام عمر، فجعل لا يدنو منه أحد إلا أخذ بشريف ممن دنا منه، حتى أعجز الناس. واتبع المجالس التي كان يجالس فيها فيظهر الايمان، ثم انصرف إلى النبي وهو ظاهر عليهم. قال ما عليك بأبي وأمي والله ما بقي مجلس كنت أجلس فيه بالكفر إلا أظهرت فيه الايمان غير هائب ولا خائف، فخرج رسول الله وخرج عمر أمامه وحمزة بن عبد المطلب حتى طاف بالبيت وصلى الظهر مؤمنا، ثم انصرف إلى دار الأرقم ومعه عمر، ثم انصرف عمر وحده، ثم انصرف النبي . والصحيح أن عمر إنما أسلم بعد خروج المهاجرين إلى أرض الحبشة وذلك في السنة السادسة من البعثة كما سيأتي في موضعه إن شاء الله. وقد استقصينا كيفية إسلام أبي بكر وعمر في كتاب سيرتهما على انفرادها، وبسطنا القول هنالك ولله الحمد. وثبت في صحيح مسلم من حديث أبي أمامة عن عمرو بن عبسة السلمي (١) قال: أتيت رسول الله في أول ما بعث وهو بمكة، وهو حينئذ مستخف، فقلت ما أنت؟ قال أنا نبي، فقلت وما النبي؟ قال رسول الله، قلت الله أرسلك؟ قال: نعم قلت بما أرسلك؟ قال بأن تعبد الله وحده لا شريك له وتكسر الأصنام، وتوصل الأرحام. قال: قلت: نعم ما أرسلك به، فمن تبعك على هذا؟ قال حر وعبد يعني أبا بكر وبلالا - قال: فكان عمرو يقول: لقد رأيتني وأنا ربع الاسلام. قال فأسلمت، قلت: فأتبعك يا رسول الله؟، قال لا ولكن إلحق بقومك، فإذا أخبرت أني قد خرجت فاتبعني " (٢)، ويقال إن معنى قوله حر وعبد اسم جنس وتفسير ذلك بأبي بكر وبلال فقط فيه نظر، فإنه قد كان جماعة قد أسلموا قبل عمرو بن عبسة وقد كان زيد بن حارثة أسلم قبل بلال أيضا فلعله أخبر أنه ربع الاسلام بحسب علمه فإن المؤمنين كانوا إذا ذاك يستسرون بإسلامهم لا يطلع على أمرهم كثير أحد من قراباتهم دع الأجانب دع أهل البادية من الاعراب والله أعلم. وفي صحيح البخاري من طريق أبي أسامة عن هاشم بن هاشم


(١) عمرو بن عبسة بن خالد بن حذيفة الامام الأمير أبو نجيح السلمي البجلي، أحد السابقين كان يقال هو ربع الاسلام وكان من امراء الجيش يوم اليرموك ترجمته في الإصابة، طبقات ابن سعد ٤/ ٢١٤ تهذيب التهذيب ٨/ ٦٩.
(٢) أخرجه مسلم في ٦ كتاب صلاة المسافرين وقصرها (٥٢) باب. ح ٢٩٤ ص ٥٦٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>