للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن سعيد بن المسيب قال سمعت سعد بن أبي وقاص يقول: ما أسلم أحد في اليوم الذي أسلمت فيه، ولقد مكثت سبعة أيام وإني لثلث الاسلام " (١). أما قوله ما أسلم أحد في اليوم الذي أسلمت فيه فسهل، ويروي إلا في اليوم الذي أسلمت فيه وهو مشكل، إذ يقتضي أنه لم يسبقه أحد بالاسلام. وقد علم أن الصديق وعليا وخديجة وزيد بن حارثة أسلموا قبله، كما قد حكى الاجماع على تقدم إسلام هؤلاء غير واحد، منهم ابن الأثير. ونص أبو حنيفة على أن كلا من هؤلاء أسلم قبل أبناء جنسه والله أعلم. وأما قوله ولقد مكثت سبعة أيام وإني لثلث الاسلام فمشكل وما أدري على ماذا يوضع عليه إلا أن يكون أخبر بحسب ما علمه والله أعلم (٢). وقال أبو داود الطيالسي حدثنا حماد بن سلمة عن عاصم عن زر عن عبد الله - وهو ابن مسعود - قال: كنت غلاما يافعا أرعى غنما لعقبة بن أبي معيط بمكة. فأتى علي رسول الله وأبو بكر وقد فرا من المشركين - فقال - أو فقالا - عندك يا غلام لبن تسقينا؟ قلت إني مؤتمن، ولست بساقيكما فقال هل عندك من جذعة لم ينز عليها الفحل بعد؟ قلت نعم! فأتيتهما بها فاعتقلها أبو بكر، وأخذ رسول الله الضرع ودعا فحفل الضرع، وأتاه أبو بكر بصخرة متقعرة، فحلب فيها ثم شرب هو وأبو بكر ثم سقياني، ثم قال للضرع أقلص فقلص، فلما كان بعد أتيت رسول الله فقلت علمني من هذا القول (٣) الطيب - يعني القرآن - فقال: " إنك غلام معلم " فأخذت من فيه سبعين سورة ما ينازعني فيها أحد. وهكذا رواه الإمام أحمد عن عفان عن حماد بن سلمة به. ورواه الحسن بن عرفة عن أبي بكر بن عياش عن عاصم بن أبي النجودبه (٤). وقال


(١) أخرجه البخاري في ٦٢ كتاب فضائل الصحابة (١٥) باب فتح الباري ٧/ ٧٣.
(٢) قال الصالحي في السيرة الشامية ٢/ ٤١١: قال الحافظ: قال ذلك سعد بحسب اطلاعه والسبب فيه أنه من كان أسلم في ابتداء الامر كان يخفي اسلامه ولعله أراد بالاثنين الآخرين خديجة وأبا بكر أو النبي وأبا بكر وقد كانت خديجة أسلمت قطعا فلعله خص الرجال.
ويحتمل قول سعد على الأحرار البالغين ليخرج الأعبد المذكورون (في حديث عمار) وعلي أو لم يكن اطلع على أولئك.
ويدل على هذا الأخير أنه وقع عند الإسماعيلي من رواية يحيى بن سعيد الأموي عن هاشم بلفظ: ما أسلم أحد قبلي. وهذا مقتضى رواية الأصيلي وهي مشكلة لأنه قد أسلم قبله جماعة لكن يحتمل ذلك على مقتضى ما كان اتصل بعلمه حينئذ. وفي المعرفة لابن منده: ما أسلم أحد في اليوم الذي أسلمت فيه، وهذا لا إشكال فيه إذ لا مانع أن يشاركه أحد في الاسلام يوم أسلم. ورواه الخطيب مثل رواية ابن منده فأثبت فيه (إلا) كبقية الروايات فتعين الحمل على ما قلته.
راجع فتح الباري ج ٧/ ٦٧ - ٦٨ دار إحياء التراث العربي بيروت.
(٣) في دلائل البيهقي: المقول.
(٤) نقل الخبر من طريقيه البيهقي في دلائل النبوة ج ٢/ ١٧١ - ١٧٢ وأحمد في مسنده ج ١/ ٣٧٩ والفسوي في المعرفة والتاريخ ج ٢/ ٥٣٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>