للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خذ عن الناس جانبا … كن بعدوك راهبا

إن دهرا أظلني … قد أراني العجائبا

قلب الناس كيف شئت … تجدهم عقاربا

قال بشر فقلت لإبراهيم: هذه موعظة الراهب لك، فعظني أنت. فأنشأ يقول:

توحش من الاخوان لا تبغ مؤنسا … ولا تتخذ خلا ولا تبغ صاحبا

وكن سامري الفعل من نسل آدم … وكن أوحديا ما قدرت مجانبا

فقد فسد الاخوان والحب والاخا … فلست ترى إلا مذوقا وكاذبا

فقلت ولولا أن يقال مدهده … وتنكر حالاتي لقد صرت راهبا

قال سري: فقلت لبشر: هذه موعظة إبراهيم لك فعظني أنت، فقال: عليك بالخمول ولزوم بيتك. فقلت بلغني عن الحسن أنه قال: لولا الليل وملاقاة الاخوان ما باليت متى مت. فأنشأ بشر يقول:

يا من يسر برؤية الاخوان … مهلا أمنت مكايد الشيطان

خلت القلوب من المعاد وذكره … وتشاغلوا بالحرص والخسران

صارت مجالس من ترى وحديثهم … في هتك مستور وموت جنان

قال الحلبي فقلت لسري: هذه موعظة بشر فعظني أنت. فقال: عليك بالاخمال فقلت أحب ذاك، فأنشأ يقول:

يا من يروم بزعمه إخمالا … إن كان حقا فاستعد خصالا

ترك المجالس والتذاكر يا أخي … واجعل خروجك للصلاة خيال

بل كن بها حيا كأنك ميت … لا يرتجى منه القريب وصالا

قال علي بن محمد القصري: قلت للحلبي هذه موعظة سري لك فعظني أنت. فقال: يا أخي أحب الأعمال إلى الله ما صعد إليه من قلب زاهد في الدنيا، فازهد في الدنيا يحبك الله. ثم أنشأ يقول:

أنت في دار شتات … فتأهب لشتاتك

واجعل الدنيا كيوم … صمته عن شهواتك

واجعل الفطر إذا … ما صمته يوم وفاتك

قال ابن خرزاد فقلت لعلي: هذه موعظة الحلبي لك فعطني أنت. فقال لي: احفظ وقتك

<<  <  ج: ص:  >  >>