للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حتى يكون عليهم إثنا عشر خليفة أو أميرا كلهم يجتمع عليهم الأمة، وسمعت كلاما من النبي لم أفهمه، فقلت لأبي: ما يقول؟ قال: يقول: كلهم من قريش (١) … وقال أبو داود أيضا: حدثنا ابن نفيل، حدثنا زهير بن معاوية، حدثنا زياد بن خيثمة، حدثنا الأسود بن سعيد الهمداني عن جابر بن سمرة قال: قال رسول الله : لا تزال هذه الأمة مستقيما أمرها، ظاهرة على عدوها، حتى يمضي إثنا عشرة خليفة كلهم من قريش، قال: فلما رجع إلى منزله أتته قريش فقالوا: ثم يكون ماذا؟ قال: ثم يكون الهرج (٢) … قال البيهقي: ففي الرواية الأولى بيان العدد، وفي الثانية بيان المراد بالعدد، وفي الثالثة بيان وقوع الهرج وهو القتل بعدهم، وقد وجد هذا العدد بالصفة المذكورة إلى وقت الوليد بن يزيد بن عبد الملك، ثم وقع الهرج والفتنة العظيمة كما أخبر في هذه الرواية، ثم ظهر ملك العباسية، كما أشار إليه في الباب قبله، وإنما يزيدون على العدد المذكور في الخبر، إذا تركت الصفة المذكورة فيه أو عد منهم من كان بعد الهرج المذكور فيه * وقد قال النبي : لا يزال هذا الامر في قريش ما بقي من الناس اثنان. ثم ساقه من حديث عاصم بن محمد عن أبيه عن ابن عمر عن النبي فذكره … وفي صحيح البخاري (٣): من طريق الزهري عن محمد بن جبير بن مطعم عن معاوية بن أبي سفيان قال: قال رسول الله : إن الامر في قريش لا يعاديهم أحد إلا كبه الله على وجهه ما أقاموا الدين … قال البيهقي: أي أقاموا معالمه وإن قصروا هم في أعمال أنفسهم، ثم ساق أحاديث بقية ما ذكره في هذا والله أعلم … فهذا الذي سلكه البيهقي وقد وافقه عليه جماعة، من أن المراد بالخلفاء الاثني عشر المذكورين في هذا الحديث هم المتتابعون إلى زمن الوليد بن يزيد بن عبد الملك الفاسق الذي قدمنا الحديث فيه بالذم والوعيد فإنه مسلك فيه نظر، وبيان ذلك أن الخلفاء إلى زمن الوليد بن اليزيد هذا أكثر من اثني عشر على كل تقدير، وبرهانه أن الخلفاء الأربعة، أبو بكر وعمر وعثمان وعلي، خلافتهم محققة بنص حديث سفينة: الخلافة بعدي ثلاثون سنة … ثم بعدهم الحسن بن علي كما وقع، لان علينا أوصى إليه، وبايعه أهل العراق، وركب وركبوا معه لقتال أهل الشام حتى اصطلح هو ومعاوية، كما دل عليه حديث أبي بكرة في صحيح البخاري، ثم معاوية، ثم ابنه يزيد بن معاوية، ثم ابنه معاوية بن يزيد، ثم مروان بن الحكم، ثم ابنه عبد الملك بن مروان، ثم ابنه الوليد بن عبد الملك، ثم سليمان بن عبد الملك، ثم عمر بن عبد العزيز، ثم يزيد بن عبد الملك، ثم هشام بن عبد الملك، فهؤلاء خمسة عشر، ثم الوليد بن يزيد بن عبد الملك، فإن اعتبرنا ولاية


(١) أخرجه أبو داود في السنن - كتاب المهدي - ح ٤٢٧٩ ص (٤/ ١٠٦) نقله عنه البيهقي في الدلائل ٦/ ٥١٩ - ٥٢٠.
(٢) سنن أبي داود - كتاب المهدي - ح ٤٢٨٠ - ٤٢٨١ وأخرجه الإمام أحمد في مسنده ٥/ ٩٢ والبيهقي في الدلائل ٦/ ٥٢٠.
(٣) في كتاب الأحكام - ح (٧١٣٩) فتح الباري ١٣/ ١١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>