للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجه الاعتراض والتنقص لبني آدم والحسد لهم كما قد يتوهمه بعض جهلة المفسرين (١) … قالوا

(أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء) (٢) قيل علموا ان ذلك كائن بما رأوا ممن كان قبل آدم

من الجن والبن قاله قتادة.

وقال عبد الله بن عمر كانت الجن قبل آدم بألفي عام فسفكوا الدماء فبعث الله إليهم جندا من الملائكة فطردوهم إلى جزائر البحور … وعن ابن عباس نحوه. وعن الحسن ألهموا ذلك * وقيل لما اطلعوا عليه من اللوح المحفوظ فقيل أطلعهم عليه هاروت وماروت عن ملك فوقهما يقال له الشجل. رواه بن أبي حاتم عن أبي جعفر الباقر … وقيل لأنهم علموا أن الأرض لا يخلق منها إلا من يكون بهذه المثابة غالبا (ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك) (٣) أي نعبدك دائما لا يعصيك منا أحد … فإن كان المراد بخلق هؤلاء أن يعبدوك فها نحن لا نفتر ليلا ولا نهارا (قال إني اعلم ما لا تعلمون) (٤) أي أعلم من المصلحة الراجحة في خلق هؤلاء ما لا تعلمون أي سيوجد منهم الأنبياء والمرسلون والصديقون والشهداء ثم بين لهم شرف آدم عليهم في العلم فقال (وعلم آدم الأسماء كلها) (٥) … قال ابن عباس هي هذه الأسماء التي يتعارف بها الناس إنسان ودابة وأرض وسهل وبحر وجبل وجمل وحمار وأشباه ذلك من الأمم وغيرها … وفي رواية علمه اسم الصحفة والقدر حتى الفسوة والفسية … وقال مجاهد علمه اسم كل دابة وكل طير وكل شئ.


(١) إن تساؤل الملائكة بعد أن آدهم أن يخلق الله خلقا غيرهم، مرده إلى خوفهم من أن يكون ذلك لتقصير وقع منهم،
أو لمخالفة كانت من أحدهم، فأسرعوا بتساؤلهم لتبرئة أنفسهم وقالوا كيف تخلق غيرنا؟ ونحن دائبون على
التسبيح بحمدك وتقديس اسمك؟
(٢) سورة البقرة الآية ٣٠ قالوا ذلك رغبة منهم فيما يزيل شبهتهم وينزع الوساوس من صدورهم، وامتد رجاؤهم إلى
الله أن يستخلفهم في الأرض يقول صاحب الظلال: ويوحي قول الملائكة هذا بأنه كان لديهم من شواهد الحال،
أو من تجارب سابقة في الأرض، أو من إلهام البصيرة، ما يكشف لهم عن شئ من فطرة هذا المخلوق، أو من
مقتضيات حياته على الأرض، وما يجعلهم يعرفون أو يتوقعون أنه سيفسد في الأرض، وانه سيسفك الدماء، ثم
هم - بفطرة الملائكة البريئة التي لا تتصور إلا الخير المطلق - يرون التسبيح بحمد الله والتقديس له .. وهو
متحقق بوجودهم هم.
(٣) سورة البقرة جزء من الآية ٣٠.
(٤) سورة البقرة جزء من الآية ٣٠ وفيه جواب على تساؤلهم ورجائهم، وجواب اطمأنت به قلوبهم وثلجت به
صدورهم.
(٥) سورة البقرة الآية ٣١ قال النجار في قصص الأنبياء ص ٦: " .. وأن آدم سمى كل شئ باسمه، وهذه
مبالغة غير مقبولة لا أميل إليها، بل أميل إلى أنه سمى الأشياء التي وقع عليها حسه ومنها الطيور والبهائم
والطيور وكل أنواع الحيوان الموجودة هناك ".
وقال صاحب الظلال: أعطاه سر القدرة على الرمز بالأسماء للمسميات وهي قدرة ذات قيمة كبرى في حياة الانسان
على الأرض ص ١/ ٥٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>