الشَّيْخُ عَلِيُّ بْنُ الشَّيْخِ عَلِيِّ الْحَرِيرِيُّ كَانَ مُقَدَّمًا فِي طَائِفَتِهِ، مَاتَ أَبُوهُ وَعُمْرُهُ سَنَتَانِ، توفي في قرية نسر فِي جُمَادَى الْأُولَى.
الْحَكِيمُ الْفَاضِلُ الْبَارِعُ بَهَاءُ الدِّينِ عَبْدُ السَّيِّدِ بْنُ الْمُهَذَّبِ إِسْحَاقَ بْنِ يَحْيَى الطَّبِيبُ الْكَحَّالُ الْمُتَشَرِّفُ بِالْإِسْلَامِ، ثُمَّ
قَرَأَ الْقُرْآنَ جَمِيعَهُ لِأَنَّهُ أَسْلَمَ عَلَى بَصِيرَةٍ، وَأَسْلَمَ عَلَى يَدَيْهِ خَلْقٌ كَثِيرٌ مِنْ قَوْمِهِ وَغَيْرِهِمْ، وَكَانَ مُبَارَكًا عَلَى نَفْسِهِ وَعَلَيْهِمْ، وَكَانَ قَبْلَ ذَلِكَ دَيَّانَ الْيَهُودِ، فَهَدَاهُ اللَّهُ تَعَالَى، وَتُوُفِّيَ يَوْمَ الْأَحَدِ سَادِسِ جُمَادَى الْآخِرَةِ وَدُفِنَ مِنْ يومه بسفح قاسيون، أسلم عَلَى يَدَيْ شَيْخِ الْإِسْلَامِ ابْنِ تَيْمِيَةَ لَمَّا بيَّن لَهُ بُطْلَانَ دِينِهِمْ وَمَا هُمْ عَلَيْهِ وَمَا بَدَّلُوهُ مِنْ كِتَابِهِمْ وَحَرَّفُوهُ مِنَ الكَلِم عَنْ مَوَاضِعِهِ رَحِمَهُ اللَّهُ.
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ست عشرة وَسَبْعِمِائَةٍ اسْتَهَلَّتْ وَحُكَّامُ الْبِلَادِ هُمُ الْمَذْكُورُونَ فِي الَّتِي قَبْلَهَا غَيْرَ الْحَنْبَلِيِّ بِدِمَشْقَ فَإِنَّهُ تُوُفِّيَ فِي السَّنَةِ الْمَاضِيَةِ.
وَفِي الْمُحَرَّمِ تَكَمَّلَتْ تَفْرِقَةُ المثالات السلطانية بمصر بمقتضى إزالة الأجناد، وَعَرْضِ الْجَيْشِ عَلَى السُّلْطَانِ، وَأَبْطَلَ السُّلْطَانُ الْمَكْسَ بِسَائِرِ الْبِلَادِ الْقِبْلِيَّةِ وَالشَّامِيَّةِ.
وَفِيهِ وَقَعَتْ فِتْنَةٌ بين الحنابلة والشافعية بِسَبَبِ الْعَقَائِدِ، وَتَرَافَعُوا إِلَى دِمَشْقَ فَحَضَرُوا بِدَارِ السَّعَادَةِ عِنْدَ نَائِبِ السَّلْطَنَةِ تَنْكِزَ فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ، وَانْفَصَلَ الْحَالُ عَلَى خَيْرٍ مِنْ غَيْرِ مُحَاقَقَةٍ وَلَا تَشْوِيشٍ عَلَى أَحَدٍ مِنَ الْفَرِيقَيْنِ، وَذَلِكَ يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ سَادِسَ عَشَرَ الْمُحَرَّمِ.
وَفِي يَوْمِ الْأَحَدِ سَادِسَ عَشَرَ صَفَرٍ قُرِئَ تَقْلِيدُ قَاضِي الْقُضَاةِ شَمْسُ الدِّينِ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنِ مُسَلَّمِ بْنِ مَالِكِ بْنِ مَزْرُوعٍ الْحَنْبَلِيِّ، بقضاء الحنابلة والنظر بأوقافهم عوضاً عن تقي الدين سُلَيْمَانَ بِحُكْمِ وَفَاتِهِ رَحِمَهُ اللَّهُ (١) ، وَتَارِيخُ التَّقْلِيدِ من سادس ذي الحجة، وقرئ بالجامع الْأُمَوِيِّ بِحُضُورِ الْقُضَاةِ وَالصَّاحِبِ وَالْأَعْيَانِ، ثُمَّ مَشَوْا مَعَهُ وَعَلَيْهِ الْخِلْعَةُ إِلَى دَارِ السَّعَادَةِ فَسَلَّمَ عَلَى النَّائِبِ وَرَاحَ إِلَى الصَّالِحِيَّةِ، ثُمَّ نَزَلَ مِنَ الْغَدِ إِلَى الْجَوْزِيَّةِ فَحَكَمَ بِهَا عَلَى عَادَةِ مَنْ تَقَدَّمَهُ، وَاسْتَنَابَ بَعْدَ أَيَّامٍ الشَّيْخَ شَرَفَ الدِّينِ بْنَ الْحَافِظِ.
وَفِي يَوْمِ الِاثْنَيْنِ سابع صفر وَصَلَ الشَّيْخُ كَمَالُ الدِّينِ بْنُ الشَّرِيشِيِّ مِنْ مِصْرَ عَلَى الْبَرِيدِ وَمَعَهُ تَوْقِيعٌ بِعَوْدِ الْوَكَالَةِ إِلَيْهِ، فَخُلِعَ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى النَّائِبِ وَالْخِلْعَةُ عَلَيْهِ.
وَفِي هَذَا الشَّهْرِ مُسِكَ الْوَزِيرُ عِزُّ الدين بن القلانسي واعتقل بالعذراوية وصودر بِخَمْسِينَ أَلْفًا ثمَّ أُطْلِقَ لَهُ مَا كَانَ أخد مِنْهُ وَانْفَصَلَ مِنْ دِيوَانِ نَظَرِ الْخَاصِّ.
وَفِي ربيع الآخر وصل من مصر فضل بْنِ عِيسَى وَأُجْرِيَ لَهُ وَلِابْنِ أَخِيهِ مُوسَى بن مهنا إقطاعات صيدا، وَذَلِكَ بِسَبَبِ دُخُولِ مُهَنَّا إِلَى بِلَادِ التَّتَرِ واجتماعهم بملكهم خربندا.
وفي يوم الاثنين سادس عشر جُمَادَى الْأُولَى بَاشَرَ ابْنُ صَصْرَى مَشْيَخَةَ الشُّيُوخِ بالسميساطية
(١) كانت وفاته في ذي القعدة سنة ٧١٥ هـ عن ثمان وثمانين سنة (تذكره النبيه ٢ / ٧١) .